Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

غزة.. وتساؤلات اليوم الأول بعد الحرب

مع الحديث عن اتفاق غزة المرتقب، تبرز أسئلة مصيرية حول استحقاقات ما بعد الحرب، من إعادة الإعمار إلى مستقبل الحكم الداخلي، وانعكاسات ذلك على القضية الفلسطينية.

وتكشف الأرقام الصادرة عن الأمم المتحدة عن حجم الكارثة التي تعرضت لها غزة جراء القصف الإسرائيلي. تشير التقارير إلى مقتل نحو 47,000 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وتدمير أكثر من 92% من المباني السكنية، بما في ذلك 160 منزلاً بالكامل، وأدى ذلك إلى نزوح نحو مليوني فلسطيني داخليًا، ما يعكس عمق المأساة الإنسانية التي تعيشها المنطقة.

البنية التحتية الصحية لم تكن بمنأى عن الدمار، إذ أصبحت أكثر من 50% من المستشفيات غير قادرة على تقديم خدماتها، ما يزيد من معاناة السكان الذين يفتقرون إلى أبسط الخدمات الأساسية.

التداعيات الإسرائيلية والخسائر البشرية والمادية:

على الجانب الإسرائيلي، تجاوزت الخسائر المادية 34 مليار دولار، فيما أشارت التقديرات إلى مقتل نحو 800 جندي.

داخليًا، تواجه الحكومة الإسرائيلية انتقادات شعبية متزايدة، خاصة مع تأخر استرجاع الجنود المحتجزين، ما أدى إلى توتر سياسي داخلي.

حماس بين المقاومة وتحديات السياسة:

رغم الخسائر التي تعرضت لها حركة حماس، بما في ذلك اغتيال قيادات بارزة مثل إسماعيل هنية ويحيى السنوار، فإنها تعتبر صمودها أمام الهجمات الإسرائيلية مكسبًا معنويًا كبيرًا.

ويرى المرشد الإيراني علي خامنئي أن “الصمود الفلسطيني أجبر إسرائيل على التراجع”، ما يعكس الدعم الذي تتلقاه حماس من المحور الإيراني.

لكن التساؤلات تتزايد حول قدرة حماس على التكيف مع الواقع السياسي الجديد. يقول رئيس مجموعة الحوار الفلسطيني صادق أبو عامر: “حماس ليست الخيار الأمثل لإدارة القطاع، لكنها تظل جزءًا أساسيًا من المشهد الفلسطيني”، مشددًا على أن المرحلة المقبلة تتطلب مرونة أكبر وخطابًا سياسيًا أكثر اتزانًا.

إعادة الإعمار.. تحديات داخلية ودولية:

إعادة إعمار غزة تُعد التحدي الأبرز للمرحلة المقبلة، لكنها تأتي محاطة بتعقيدات سياسية واقتصادية.

يشير عمرو الشوبكي، المستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية، إلى أن “إعادة الإعمار لا تكفي وحدها، بل يجب أن تُرافقها خطوات سياسية جادة لإعادة تأهيل السلطة الفلسطينية ومعالجة الانقسام الداخلي”.

الاتفاق بين إسرائيل وحماس، الذي جاء بوساطة دولية، يثير تساؤلات حول مدى استدامته. ترى حماس الاتفاق انتصارًا معنويًا، فيما تعتبره إسرائيل مجرد ترتيبات أمنية مؤقتة.

في هذا السياق، يبرز دور الولايات المتحدة كوسيط رئيسي. فبينما يروج الرئيس السابق دونالد ترامب لدوره في تحقيق هذه التفاهمات، يشير الرئيس الحالي جو بايدن إلى ضرورة المضي قدمًا نحو حل الدولتين كجزء من النظام الإقليمي الجديد. 

مستقبل غزة.. أي أفق؟

الوضع في غزة يتجاوز فكرة وقف إطلاق النار إلى معضلة أكبر تتعلق بإدارة القطاع والمشهد السياسي الفلسطيني الداخلي. استمرار الانقسام بين حماس والسلطة الفلسطينية يهدد بفقدان أي مكتسبات قد تحققها القضية الفلسطينية.

ويقول صادق أبو عامر: “الانقسام الفلسطيني يُقوض الجهود الوطنية، ويحتاج الوضع إلى قيادة موحدة ورؤية استراتيجية تستجيب لتحديات المرحلة”.

ومع استمرار المعاناة وتفاقم الدمار، تبرز الحاجة إلى مشروع وطني فلسطيني يعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني ويضع حدًا للانقسامات السياسية.

وهنا يؤكد عمرو الشوبكي أن “التجربة السياسية لحماس لم تُحقق مكاسب ملموسة، ما يتطلب إعادة صياغة المشهد الفلسطيني وتقديم بدائل حقيقية تلبي طموحات الشعب الفلسطيني”. 

في ظل هذا المشهد، يبقى مستقبل غزة غامضًا، معلقًا بين تحديات إعادة الإعمار وضغوط التسوية السياسية، لكن الأمل يظل قائمًا في بناء رؤية وطنية جديدة تُنقذ القضية الفلسطينية من تعقيداتها الحالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى