Podcast Icon
سياسة

حرب حزب الله وإسرائيل: فاتورة باهظة على لبنان بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية

شهد لبنان عامًا مليئًا بالتحديات والصراعات، كان أبرزها الحرب الأخيرة بين إسرائيل و”حزب الله”، التي أوردتها تقارير البنك الدولي عن الفترة الممتدة من أكتوبر 2023 إلى أكتوبر 2024. أسفرت هذه الحرب عن خسائر اقتصادية فادحة قدرت بـ5.1 مليار دولار، لتضيف عبئًا جديدًا على اقتصاد لبنان الذي يعاني من أزمة خانقة منذ عام 2019. وتوزعت الخسائر على قطاعات حيوية تشمل التجارة والسياحة والزراعة، ما أدى إلى تدهور كبير في مستوى المعيشة. وهذا ما حاولت “اندبندنت عربية” تحليله في هذا التقرير.

التداعيات الاقتصادية والإنسانية

أدت الحرب إلى تدمير واسع في البنية التحتية، وشملت الأضرار قرى بأكملها على الحدود الجنوبية، مما دفع آلاف اللبنانيين إلى النزوح داخليًا. وتشير تقارير إلى أن أكثر من 4048 شخصًا قُتلوا، فيما أصيب 16640 آخرون بجروح متفاوتة، من بينهم عدد كبير من النساء والأطفال. هذه الخسائر الإنسانية، التي غطتها “اندبندنت العربية” بتفصيل، تسلط الضوء على الجانب المأساوي للحرب وتأثيراتها على المدنيين.

من الناحية الاقتصادية، توقف النشاط التجاري بشكل شبه كامل في العديد من المناطق، خاصة تلك الواقعة بالقرب من الحدود مع إسرائيل. كما تضررت قطاعات الزراعة والسياحة بشكل كبير نتيجة تدمير الأراضي الزراعية والبنية التحتية للسياحة، مما زاد من نسبة البطالة والفقر في البلاد.

شروط المساعدات الدولية لإعادة الإعمار

رغم الحاجة الماسة لإعادة الإعمار، تواجه جهود الحصول على مساعدات دولية عقبات كبيرة. فالدول المانحة تشترط تطبيق القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، الذي ينص على ضبط الحدود الجنوبية ونزع سلاح “حزب الله” في مناطق جنوب الليطاني. لكن تنفيذ هذه الشروط يظل معقدًا بسبب الوضع الداخلي اللبناني والانقسامات السياسية.

الروايات السياسية وغياب المحاسبة

على الصعيد السياسي، سادت في الداخل اللبناني رواية “الانتصار” التي يروج لها “حزب الله”، مع غياب واضح لأي محاسبة من قبل الدولة اللبنانية. يرى مراقبون أن هذا الغياب يعود إلى طبيعة النظام السياسي اللبناني القائم على التوازنات الطائفية، بالإضافة إلى النفوذ الإيراني الذي يتمتع به الحزب. وبدلًا من مواجهة الحزب، تستمر الدولة في الانصياع لهذه التوازنات الهشة، مما يزيد من ضعفها.

التأثيرات الطائفية وعزلة الشيعة اللبنانيين

أصبح “حزب الله” الممثل الأساسي للشيعة في لبنان، ولكنه قادهم نحو عزلة إقليمية وعربية. تسببت تدخلات الحزب في النزاعات الإقليمية، مثل سوريا واليمن، في توتر العلاقات بين الطائفة الشيعية والدول العربية، خاصة دول الخليج. ونتيجة لذلك، تعرضت الطائفة لمزيد من التهميش الاقتصادي والاجتماعي.

نحو مستقبل جديد للشيعة اللبنانيين

يحتاج الشيعة اللبنانيون اليوم إلى إعادة تقييم علاقتهم بـ”حزب الله” وسياساته الإقليمية التي أثقلت كاهلهم. ينبغي التركيز على تعزيز هويتهم الوطنية والعربية بعيدًا عن الأجندات الإقليمية، مما قد يساعد في إعادة دمجهم في النسيج اللبناني بشكل إيجابي.

الحرب الأخيرة بين إسرائيل و”حزب الله” كشفت عن هشاشة الوضع اللبناني اقتصاديًا واجتماعيًا، وحتمية إجراء إصلاحات جذرية لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها. وبينما يقف لبنان على مفترق طرق، يبقى الحل مرهونًا بقدرة اللبنانيين على تجاوز انقساماتهم والعمل سويًا من أجل مستقبل أفضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى