
تشهد السلطة الفلسطينية في الآونة الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا في أنشطتها بمجالات الحكم والأمن، بما في ذلك تعزيز عمليات مكافحة الإرهاب في الضفة الغربية وتعيين خليفة مؤقت للرئيس محمود عباس، إضافة إلى إشارات لإصلاح آلية دفع المدفوعات للأسرى.
وتهدف هذه التحركات إلى إظهار قدرة السلطة على الحكم ومواجهة قوى المعارضة التي تهدد استقرارها، خصوصًا مع تحدي حركة “حماس” لنفوذها في الضفة الغربية.
يأتي هذا في وقت يُتوقع فيه إطلاق سراح سجناء حماس ضمن اتفاق جديد لإطلاق رهائن في غزة، مما قد يعزز قوة الحركة سياسيًا وعسكريًا.
العمليات الأمنية في شمال الضفة الغربية:
أطلقت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في ديسمبر الماضي حملة أمنية غير مسبوقة منذ عقد تحت مسمى “الدفاع عن الوطن”، استهدفت مكافحة الإرهاب والفوضى في مناطق شمال الضفة الغربية، خصوصًا جنين وطولكرم ونابلس.
تمكنت الحملة من اعتقال 700 فلسطيني، تدمير عشرات المركبات المفخخة، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة. ومع ذلك، لا تزال قدرة السلطة الأمنية محدودة، مما يبرز الحاجة لدعم خارجي في التدريب والمعدات والاستخبارات.
ورغم العمليات المكثفة، شهدت الأسابيع الماضية هجمات إرهابية عديدة أدت إلى سقوط قتلى إسرائيليين.
فقد أظهرت هذه الأحداث أن القضاء على الإرهاب في الضفة الغربية يتطلب إصلاحات عميقة ودعمًا مستمرًا للسلطة الفلسطينية من قبل إسرائيل والمجتمع الدولي.
تطورات سياسية: خليفة عباس المؤقت:
في خطوة مفاجئة، أعلن الرئيس محمود عباس أن روحي فتوح سيتولى منصب الرئيس المؤقت لمدة 90 يومًا في حال عجزه، تمهيدًا لإجراء انتخابات عامة.
يشير هذا القرار إلى محاولة ضمان استقرار الحكم الفلسطيني وتقليل احتمالية الصراع على السلطة بعد رحيل عباس.
وتواجه السلطة الفلسطينية ضغوطًا دولية لإصلاح نظام دفع رواتب الأسرى الفلسطينيين الذي يكافئ حاليًا من يقضون فترات طويلة في السجون الإسرائيلية.
تشير التحركات الأخيرة إلى إمكانية تعديل هذه السياسة، وهو ما قد يعزز العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ويساهم في استعادة المساعدات الدولية.
التحديات المستقبلية للسلطة الفلسطينية:
هناك العدي دمن التحديات التي تواجه السلطة الفلسطينية، أبرزها:
– استمرار دعم إسرائيل:
من الضروري أن تواصل إسرائيل دعم السلطة الفلسطينية لضمان استقرار الوضع الأمني في الضفة الغربية ومنع تمدد نفوذ حماس.
– البدء في إصلاحات داخلية:
يجب على السلطة الفلسطينية إجراء تغييرات عميقة في المجالات الأمنية والسياسية والاجتماعية لتحسين مكانتها وتعزيز قدرتها على الحكم.
– إيجاد بديل لحماس في غزة:
مع غياب البدائل المثلى لحكم غزة، قد تكون السلطة الفلسطينية الخيار الأقل سوءًا لتولي زمام الأمور هناك بعد الحرب.
تبدو هناك ضرورة لتقديم دعم مادي وتقني لقوات الأمن الفلسطينية، وتسريع إصلاح آلية دفع رواتب الفلسطينيين لتحسين العلاقات الدولية، فضلا عن إطلاق خطة استثمارية مشتركة مع الدول العربية لتحسين الأوضاع الاقتصادية في المناطق المستعادة من الفصائل الفلسطينية، إلى جانب تشجيع إصلاحات هيكلية لتحسين الحوكمة وضمان استقرار الضفة الغربية.
في النهاية، يبقى تحقيق الاستقرار في الضفة الغربية وتمكين السلطة الفلسطينية من تولي دور أكبر في غزة مرهونًا بمدى الدعم الدولي والإقليمي المقدم لها، فضلاً عن استعدادها لإجراء إصلاحات جوهرية لتعزيز دورها كبديل حقيقي لحماس.