عودة النار إلى غزة: لماذا استأنفت إسرائيل القصف وما السيناريوهات القادمة؟

بعد هدوء استمر شهرين، عادت إسرائيل لتستأنف قصف قطاع غزة بعنف، وسط توقعات متزايدة بعملية برية جديدة. صحيفة “تيلغراف” البريطانية قدمت تحليلًا معمقًا حول الأسباب والنتائج المحتملة لهذا التصعيد.
ضربة مفاجئة وخسائر كبيرة
تقدر التقارير أن مئات الأشخاص لقوا حتفهم منذ ليلة الاثنين، بينهم قيادات بارزة في حركة حماس، وعلى رأسهم رئيس الوزراء الفعلي للحركة، بالإضافة إلى أربعة قادة آخرين وعدد كبير من المدنيين، بينهم أطفال. أثار ذلك صدمة لدى عائلات الرهائن الإسرائيليين، الذين يرون أن فرص استعادة أحبائهم تتلاشى.
لماذا استؤنف القصف؟
وفقًا لـ”تيلغراف”، فإن تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس كان السبب الرئيسي. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض قبول رؤية حماس لمستقبل غزة، مما أدى إلى توقف الحركة عن إطلاق سراح مزيد من الرهائن.
وتساءلت الصحيفة: لماذا الآن تحديدًا؟ إذ كان يمكن لإسرائيل استئناف القتال قبل أكثر من أسبوعين عندما انتهت الهدنة رسميًا. ورغم استمرار ضربات إسرائيلية محدودة خلال هذه الفترة، إلا أن التهدئة ظلت صامدة نسبيًا.
نشاط غير عادي: هل كانت حماس تستعد لهجوم؟
تقول الصحيفة إن الجيش الإسرائيلي تلقى تقارير استخباراتية عن “نشاط غير عادي” من جانب حماس، ربما تحضيرًا لعملية كبيرة، أو حتى غارة داخل إسرائيل. وتشير التقديرات إلى أن حماس نجحت في تجنيد مئات المقاتلين الجدد وأعادت بناء جزء من بنيتها التحتية.
ورغم صعوبة التأكد من نوايا حماس، فإن المخاوف الإسرائيلية من استغلال الحركة لفترة الهدوء بدت مبررة.
انهيار المرحلة الثانية من الهدنة
نجحت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في تلبية احتياجات الطرفين:
حصلت إسرائيل على عودة 33 رهينة وعدد من الجثث.
نالت حماس إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين وتدفق المساعدات.
لكن المرحلة الثانية انهارت، لأنها تضمنت انسحابًا إسرائيليًا كاملاً من غزة، وهو ما رفضه نتنياهو، الذي يصر على القضاء على حماس.
رغم محاولات الوساطة الأمريكية، خاصة عبر المبعوث ستيف ويتكوف، فشلت المحادثات في إعادة إحياء الهدنة. واقترحت إسرائيل تمديد التهدئة خلال شهر رمضان وعيد الفصح، مقابل استمرار إطلاق سراح الرهائن، لكن حماس أصرت على انسحاب إسرائيل الكامل.
ماذا بعد؟
تشير أوامر الإخلاء التي أصدرتها إسرائيل إلى أن هجومًا بريًا قد يكون وشيكًا. ومع ذلك، يبقى مدى هذا التوغل غير واضح. فرغم تفوق إسرائيل العسكري والتكنولوجي، إلا أنها لم تتمكن من القضاء على حماس خلال 15 شهرًا من العمليات السابقة.
قد يكون توسيع العمليات الأرضية وسيلة لتحسين موقف إسرائيل التفاوضي، إذ سيكون من الأسهل التراجع عن أراضٍ تم الاستيلاء عليها حديثًا.
دور ترامب: دعم بلا قيود
تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأزمة يبرز بثلاثة أشكال:
تبنيه لوجهة نظر نتنياهو بعدم وجود مستقبل لحماس.
إرسال مبعوثيه لدفع المفاوضات، وإن لم ينجحوا.
دعمه المفتوح للعمليات العسكرية الإسرائيلية مقارنة بموقف بايدن الأكثر تحفظًا.
هذا الدعم يمنح نتنياهو حرية أوسع لاتخاذ قرارات عسكرية دون قلق من ضغوط أمريكية كبيرة.
السياسة في قلب المعركة
إلى جانب الاعتبارات العسكرية، تلعب السياسة الداخلية الإسرائيلية دورًا محوريًا. قبل استئناف القتال، كان هناك جدل حول محاولة نتنياهو إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار. ومع عودة الحرب، هدأت هذه الضجة.
كما أن نتنياهو بحاجة إلى إرضاء شركائه في الائتلاف الحاكم، خاصة من اليمين المتطرف، الذين طالبوا مرارًا باستئناف القتال. ومع مقتل خمسة قادة من حماس والإشارات إلى هجوم بري جديد، حصلوا على ما يريدون.
الخلاصة: إلى أين يتجه الصراع؟
تبدو الأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات. إسرائيل تواصل استهداف قيادات حماس، بينما تصر الحركة على التمسك بشروطها. وبينما يزداد الوضع تعقيدًا سياسيًا وعسكريًا، يظل المدنيون يدفعون الثمن الأكبر.
هل يمكن أن تؤدي الضغوط الدولية إلى وقف إطلاق نار جديد؟ أم أن المعركة ستستمر إلى أجل غير مسمى؟