وقود الصواريخ بين الصين وإيران: صفقة تقلب موازين القوة في الشرق الأوسط

كشفت صحيفة فايننشيال تايمز، عن تفاصيل صفقة إيرانية-صينية مثيرة للجدل، تتمثل في شحن أكثر من ألف طن من مادة “سديم بيركلورات” إلى إيران عبر سفينتين مملوكتين لإيرانيين. الشحنة، التي وصفت بأنها حاسمة لإنتاج الوقود الصلب للصواريخ، من المقرر أن تسلم إلى الحرس الثوري الإيراني في ميناء بندر عباس.
تفاصيل الشحنة ومسارها
بحسب معلومات استخباراتية من دولتين غربيتين، تحمل السفينتان “كلبن” و”جيران” مواد كيميائية تقدر بحوالي 960 طنًا من “أمونيوم بيركلورات”، وهو المكون الأساسي للوقود الصلب. وتكفي هذه الكمية لتصنيع 1300 طن من الوقود، ما يعادل تجهيز 260 صاروخًا متوسط المدى من طراز “خيبر شكن” و”حاج قاسم”.
انطلقت السفينة الأولى، “كلبن”، من جزيرة دايشان الصينية يوم 21 يناير، وعلى متنها 34 حاوية. في حين ستغادر السفينة الثانية، “جيران”، أوائل فبراير بنفس الوجهة. وتستغرق الرحلة إلى ميناء بندر عباس حوالي ثلاثة أسابيع دون توقف.
تداعيات الشحنة والأسئلة المقلقة
يثير تصدير هذه المواد جدلًا واسعًا حول الدور الصيني في تزويد إيران بالمكونات العسكرية. إذ تُعتبر مادة “أمونيوم بيركلورات” ضمن المواد المحظورة دوليًا بموجب “نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ”، المصمم للحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل.
أشار مسؤولون غربيون إلى أن الشحنة تعكس استمرار التعاون العسكري بين إيران والصين، ما يضع بكين تحت مزيد من الضغوط الدولية. ومع ذلك، لم تؤكد السفارة الصينية في واشنطن أي دور رسمي لبكين في هذه الصفقة، مدعية التزامها بالاستقرار الإقليمي.
خلفية العلاقات الصينية-الإيرانية
يرى دينيس وايلدر، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA)، أن العلاقة بين الصين وإيران تمتد لعقود، إذ بدأت بكين في تزويد طهران بالأسلحة منذ الثورة الإيرانية عام 1979. وفي تسعينيات القرن الماضي، لعبت الصين دورًا رئيسيًا في تطوير برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني من خلال نقل التكنولوجيا والخبرات.
يشير وايلدر أيضًا إلى أن هذه الصفقة تأتي في إطار استراتيجية صينية لتعزيز التعاون مع إيران وروسيا لمواجهة النفوذ الأميركي. وتستفيد الصين من هذه العلاقة عبر شراء النفط الإيراني بخصومات كبيرة، ما أثار انتقادات من واشنطن لانتهاك العقوبات.
ردود الفعل الدولية
بينما تلتزم إيران الصمت، كانت تتزايد الضغوط على إدارة بايدن السابقة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد الصين، التي تواجه اتهامات بدعم حلفاء إيران وروسيا. ولم يظهر حتى الآن موقف إدارة ترامب الجديدة. ويرى بعض المحللين أن هذه الصفقة تعكس تصعيدًا خطيرًا قد يهدد الاستقرار الإقليمي ويعزز قدرات إيران الصاروخية، خاصة بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت مصانع الوقود الصلب في إيران.
تشكل هذه الشحنة اختبارًا جديدًا لجهود الحد من انتشار الأسلحة في المنطقة، وتلقي الضوء على تحالفات جديدة تعيد رسم موازين القوة في الشرق الأوسط. وبينما تتصاعد حدة التوترات. هل ستتمكن القوى الغربية من كبح جماح هذا التعاون العسكري المتنامي؟