Podcast Icon
سياسة

سوريا بين الفوضى والطموح.. كيف يحكم أحمد الشرع؟

أثار الإعلان عن تولي أحمد الشرع “رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية” جدلاً واسعًا، حيث اعتُبر خطوة رسمية نحو تأسيس حكومة إسلامية مركزية بعد 14 عامًا من الحرب الأهلية. جاء هذا الإعلان بعد سيطرة هيئة تحرير الشام، بقيادة الشرع، على دمشق بعد مسيرة عسكرية استمرت ثمانية أسابيع انطلقت من إدلب. ولكن رغم التصريحات الطموحة، فإن الواقع على الأرض أكثر تعقيدًا بكثير.

حكومة لا تملك السيطرة الكاملة
يرى جوناثان سباير، الباحث في وول ستريت جورنال، أن “رئاسة الشرع” لا تعكس واقعًا فعليًا، بل هي مجرد طموح في ظل دولة منقسمة وممزقة بين الفصائل المتنافسة. فرغم سيطرة هيئة تحرير الشام على دمشق ومحافظة إدلب، فإن أجزاء واسعة من البلاد لا تزال خارج سيطرتها.

تعد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) أحد أبرز القوى المعارضة للحكم الجديد، حيث تسيطر على نحو ثلث الأراضي السورية، من نهر الفرات شمالًا إلى الحدود التركية، وشرقًا حتى العراق. ولعبت قسد دورًا محوريًا في هزيمة تنظيم داعش عام 2019، وتؤكد أنها لن تتخلى عن استقلالها السياسي والعسكري رغم إمكانية البقاء ضمن سوريا موحدة.

موقف الأكراد من سيطرة هيئة تحرير الشام
في تصريح صريح، قال صالح مسلم، الزعيم السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الحاكم في المنطقة الكردية: “أولئك الذين وصلوا إلى السلطة في دمشق كانوا جزءًا من القاعدة وجبهة النصرة قبل سنوات قليلة فقط، والجميع يعرف ذلك. لا أحد يستطيع أن يجبرنا على تفكيك ما بنيناه”.

أما ألدار خليل، أحد كبار مسؤولي حزب الاتحاد الديمقراطي، فقد كان أكثر حدة في رفضه للحكم المركزي الجديد، قائلاً: “الثورة في سوريا بدأت لتدمير الحكم المركزي، وبعد زواله لا يمكن فرض حكم مركزي جديد، وهذا غير مقبول”.

الفصائل المسلحة.. مشهد متشرذم
لا تقتصر معارضة هيئة تحرير الشام على الأكراد فقط، فهناك قوى أخرى على الأرض ترفض الخضوع للحكومة الجديدة، أبرزها:

رجال الكرامة في السويداء، هذه الجماعة الدرزية المسلحة تسيطر على محافظة السويداء وترفض أي محاولات من هيئة تحرير الشام لدخول المنطقة، مطالبة بحكم لامركزي لسوريا. وقال حكمت الهجري، أحد زعماء الدروز، إنهم لن يسلموا أسلحتهم حتى يتم تشكيل حكومة ودستور يضمنان نظامًا لامركزيًا أكثر توافقًا مع واقع البلاد.

الميليشيات السنية في درعا، يقود أحمد العودة ميليشيا مستقلة في درعا، وهو زعيم سابق لجماعة “قوات شباب السنة” المتمردة، ويحتفظ بنفوذ قوي في المنطقة.

المناطق العلوية في الساحل، يظل الساحل الغربي لسوريا معقلًا للطائفة العلوية، التي تنحدر منها عائلة الأسد. وتشهد هذه المناطق مواجهات بين قوات هيئة تحرير الشام والجماعات الموالية للنظام السوري.

قتال مستمر وانعدام الأمن
رغم محاولات هيئة تحرير الشام ترسيخ حكمها، فإن البلاد لا تزال تغرق في الفوضى. فقد شهد يوم 24 يناير/كانون الثاني مقتل 10 مقاتلين من هيئة تحرير الشام في هجوم عند نقطة تفتيش قرب بلدة جبلة، وفي اليوم نفسه قُتل 13 شخصًا من الطائفة العلوية في بلدة فاوحل.

هل تستطيع هيئة تحرير الشام فرض سيطرتها؟
يبدو أن الشرع، رغم إعلانه الرئاسة، ليس الحاكم الفعلي لسوريا، إذ لا تزال العديد من المناطق خارج نطاق سيطرته، كما أن هيئة تحرير الشام ليست منظمة ضخمة بما يكفي لإحكام قبضتها على البلاد. فقد بدأ مقاتلوها السيطرة على دمشق بعدد لا يتجاوز 40 ألف مقاتل، وهو رقم ضئيل مقارنة بحجم التحديات التي تواجهها.

في ظل هذا الوضع، تبدو سوريا أبعد ما تكون عن الاستقرار، ويبقى السؤال الأهم: هل تستطيع هيئة تحرير الشام فرض حكمها على كامل البلاد، أم أن سوريا ستظل ساحة لصراع مفتوح بين الفصائل المتناحرة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى