
مع تصاعد التوترات في غزة ومحاولات احتواء الأزمة سياسيًا وأمنيًا، تتجه الأنظار إلى زيارة مرتقبة لوفد مصري إلى واشنطن هذا الأسبوع، في مسعى لإقناع الإدارة الأميركية بجدوى الخطة المصرية لحل الأزمة.
وبحسب مصدر فلسطيني تحدث إلى “سكاي نيوز عربية”، أبدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب موافقة مبدئية على الخطة المصرية، لكنها وضعت شرطًا رئيسيًا لقبولها، وهو استبعاد حركة حماس من الحكم ونزع سلاحها بالكامل.
هذا الموقف يعكس النهج الأميركي الصارم تجاه الجماعات المسلحة في المنطقة، لا سيما تلك التي تحظى بدعم إيراني.
في المقابل، تمارس واشنطن ضغوطًا على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للموافقة على إدارة مدنية فلسطينية للقطاع، مدعومة عربيًا ودوليًا، وهو ما يشير إلى محاولات أميركية لإيجاد توازن بين المخاوف الأمنية الإسرائيلية والمبادرات السياسية العربية.
هل يمكن احتواء حماس؟
يرى الخبير الأمني الأميركي جوناثان جيليام أن العقبة الرئيسية أمام أي حل سياسي تكمن في أن حماس ليست مجرد فصيل فلسطيني، بل جزء من شبكة إقليمية تدعمها إيران، وهو ما يمنحها القدرة على إعادة التسلح والتجنيد المستمر.
ويؤكد جيليام أن الحل لا يكمن فقط في الضغط على حماس، بل في كبح جماح الجهات التي تدعمها ماليًا وعسكريًا. ويضيف: “أي محاولة لإقصاء حماس دون التعامل مع داعميها ستكون مجرد حل مؤقت، لن يصمد أمام التحولات السياسية والعسكرية في المنطقة”.
ومع تصاعد الضغوط الدولية، يبرز التساؤل حول قدرة مصر على تنفيذ خطتها، خاصة فيما يتعلق بتفكيك سلطة حماس في غزة.
ووفقًا لمحللين، فإن القاهرة تعتمد على علاقاتها القوية مع واشنطن كأحد أهم عناصر نجاح مبادرتها، لكن التحدي الحقيقي يكمن في مدى استعداد القوى الإقليمية والدولية لدعم خطوات فعلية تمنع إعادة تموضع الحركة.
في هذا السياق، يشير خبراء إلى أن مصر لا تمتلك فقط أوراقًا دبلوماسية، بل تمتلك نفوذًا أمنيًا على الأرض، حيث تسيطر على المعبر الحدودي الوحيد بين غزة والعالم الخارجي.
ومن هنا، فإن دورها قد يكون محوريًا في أي خطة تهدف إلى إعادة ترتيب المشهد السياسي داخل القطاع.
واشنطن بين تأثير الماضي ومتغيرات الحاضر
على المستوى الأميركي، تبدو سياسة واشنطن تجاه الأزمة أكثر وضوحًا في عهد ترامب مقارنة بإدارة بايدن، التي أظهرت ترددًا في التعامل مع الملفات الحساسة، مثل الانسحاب من أفغانستان والتوتر مع روسيا.
يرى جيليام أن ترامب يعتمد على استراتيجيات مدروسة لجمع المعلومات واتخاذ قرارات تعزز النفوذ الأميركي دون الانخراط في مواجهات مباشرة.
ويضيف: “الإدارة الأميركية تدرك أن نجاح أي خطة يعتمد على قوة تنفيذها على الأرض، وليس فقط على التوافقات الدبلوماسية”.
في النهاية؛ تبقى مصر أمام اختبار دبلوماسي معقد، تحاول من خلاله إقناع واشنطن بجدوى خطتها، مع الحفاظ على التوازن بين المصالح الإقليمية والاشتراطات الأميركية. الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت القاهرة قادرة على تحقيق اختراق في هذا الملف الشائك، أم أن الأزمة ستبقى رهينة التوازنات الدولية والإقليمية، خصوصا مع استئناف إسرائيل الحرب ضد غزة.