مستقبل غزة في مهب العاصفة: هل يعيد ترامب إحياء سيناريو التهجير القسري؟

تشهد غزة واحدة من أشد الأزمات في تاريخها، حيث تتصاعد المخاوف من توجهات أميركية تدفع نحو سيناريو التهجير القسري، في ظل سياسات الضغط القصوى التي تنتهجها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
تصريحات ترامب الأخيرة، التي حملت إشارات واضحة إلى إعادة رسم خريطة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أثارت قلقًا واسعًا، خاصة مع طرح مقترحات لإبعاد الفلسطينيين عن القطاع كجزء من رؤية أميركية جديدة للحل.
ترامب واستراتيجية الإزاحة الجغرافية
في مقابلة مع قناة إسرائيلية، كشف آدم مولر، مستشار ترامب لشؤون الرهائن، أن الإدارة الأميركية تتعامل بجدية مع فكرة ترحيل الفلسطينيين من غزة، داعيًا مصر والأردن إلى تقديم “حلول بديلة”.
لكن الموقف العربي كان واضحًا وحاسمًا؛ إذ رفض العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أي محاولات لتغيير التركيبة السكانية للقطاع، وأكدا أن الحل الحقيقي يكمن في تثبيت الفلسطينيين على أرضهم وفق مبدأ حل الدولتين.
ورغم هذا الرفض، يرى بعض المحللين أن إدارة ترامب لا تزال تسعى لفرض سيناريوهات أخرى، مثل تهجير الفلسطينيين إلى ألبانيا أو إندونيسيا، إلا أن هذه الطروحات قوبلت برفض دولي واسع، باستثناء الدعم الذي تحظى به من اليمين الإسرائيلي المتطرف.
مشروع ترامب ليس “سلامًا” بل “استثمار عقاري”
يرى سمير غطاس، رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، أن رؤية ترامب لحل قضية غزة ليست سياسية بقدر ما هي اقتصادية عقارية، مشيرًا إلى وجود تحول جوهري بين مقترحاته السابقة (2016-2020) والمقترحات الحالية، حيث أصبح الحديث عن “تطهير غزة ديموغرافيًا” بدلًا من مجرد تهجير غير محدد الوجهة.
ويضيف غطاس، في حديثه مع سكاي نيوز عربية، أن الطرح الجديد لترامب:
ينقل عبء التهجير إلى مصر والأردن، رغم أن القاهرة رفضت هذا السيناريو منذ عام 2005.
يحاول إعادة إحياء مشروع جيورا أيلاند، الذي اقترح توسيع غزة على حساب سيناء، وهو ما رفضته مصر بشكل قاطع.
يرتبط بمصالح اقتصادية خفية، خاصة في ما يتعلق بحقول الغاز المكتشفة في البحر قبالة سواحل غزة.
ويرى غطاس أن ترامب يتعامل مع غزة وكأنها مشروع عقاري يحتاج إلى إعادة هيكلة سكانية، وليس كأزمة إنسانية وسياسية تتطلب حلًا عادلاً.
حماس في مأزق.. هل تتغير قواعد اللعبة؟
في ظل تصاعد الضغوط، تبدو حركة حماس أمام واقع جديد قد يفرض عليها إعادة تموضعها سياسيًا. وتشير تقارير إلى أن الحركة ناقشت مع مسؤولين أتراك إمكانية تحولها إلى حزب سياسي، كما أنها تلقت مقترحات من واشنطن لإيوائها في قطر.
هذا التحرك يعكس إدراكًا داخل الحركة بأن الظروف الدولية لا تصب في صالحها، وأنها قد تحتاج إلى إعادة صياغة دورها بعيدًا عن المواجهات العسكرية المباشرة.
نتنياهو وترامب.. هل يستغلان التصعيد العسكري؟
رغم أن العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر كانت ناجحة تكتيكيًا، إلا أن تداعياتها الإنسانية والسياسية كانت كارثية. ومع ذلك، تواصل إسرائيل تبرير حملاتها العسكرية بذرائع مثل “وحدة الساحات” والدعم الإيراني لحماس.
ويرى غطاس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يستغل أي تصعيد عسكري جديد لتبرير مشاريع التهجير، في حين قد يستخدم ترامب هذه الأوضاع المتوترة كذريعة لطرح رؤيته المثيرة للجدل بشأن غزة، وربما كجزء من صفقة سياسية أوسع تشمل إسرائيل والسعودية.
هل يصمد الرفض الدولي أمام الضغوط الأميركية؟
رغم الرفض الدولي والعربي القاطع لأي مخطط لتهجير سكان غزة، إلا أن واشنطن لا تزال تبحث عن سيناريوهات بديلة، قد تكون أقل صدامًا ولكنها تخدم الهدف ذاته.
وفي الوقت الذي تحاول فيه مصر والأردن الحفاظ على التوازن الإقليمي، تبقى غزة عالقة بين مشاريع ترامب ومخططات نتنياهو، ما يجعل مستقبلها مفتوحًا على احتمالات خطيرة قد تعيد تشكيل المشهد الفلسطيني بالكامل.