تصريحات أبو مرزوق تثير الجدل: مراجعة سياسية أم انقسام داخل حماس؟

أشعلت تصريحات القيادي في حركة حماس، موسى أبو مرزوق، حول تداعيات هجوم 7 أكتوبر جدلًا واسعًا، بعدما أقرّ بأنه لو كان يعلم بحجم الدمار الذي سيلحق بغزة، لما دعم هذا الهجوم. جاءت هذه التصريحات في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز”، حيث أكد أبو مرزوق أنه لم يكن مطلعًا على تفاصيل الخطة، لكنه أيدها استراتيجيًا من منطلق المواجهة العسكرية مع إسرائيل.
إلا أن أكثر ما لفت الانتباه في حديثه هو إشارته إلى وجود “انفتاح” داخل قيادة حماس بشأن مناقشة مستقبل السلاح في غزة، وهو تصريح يتعارض مع الموقف التقليدي للحركة، التي لطالما اعتبرت السلاح “خطًا أحمر” غير قابل للنقاش.
حماس ترد: السلاح “شرعي” والتصريحات “مُجتزأة”
في ردّ سريع على هذه التصريحات، أكد المتحدث باسم حماس، حازم قاسم، أن الحركة متمسكة بسلاحها باعتباره شرعيًا، مشددًا على أن التصريحات المنسوبة إلى أبو مرزوق “مُجتزأة وخارجة عن السياق”.
لكن هذا الموقف الرسمي لم يمنع المحللين من التساؤل: هل تصريحات أبو مرزوق مجرد اجتهاد شخصي، أم أنها تعكس تيارًا داخل الحركة يسعى لإعادة تقييم موقفها بعد الأحداث الأخيرة؟
واقعية سياسية أم مراجعة متأخرة؟
يعتبر مدير المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية، محمد المصري، أن تصريحات أبو مرزوق تعكس “واقعية سياسية مطلوبة”، لكنه يرى أنها جاءت متأخرة، قائلًا: “كان ينبغي أن تحدث هذه المراجعة قبل 7 أكتوبر، وليس بعده.”
واستشهد المصري بموقف مشابه للزعيم اللبناني حسن نصر الله بعد حرب 2006، عندما صرّح: “لو كنت أعلم أن خطف الجنود الإسرائيليين سيؤدي إلى ذلك، لما قمنا بالعملية.”
وأضاف المصري في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية” أن القيادة السياسية لأي حركة مقاومة يجب أن توازن بين الاستراتيجية والتكتيك، مؤكدًا أن عدم حساب المكاسب والخسائر بشكل دقيق يعني فقدان القدرة على اتخاذ قرارات تحقق مصلحة الشعب.
وأشار إلى أن تصريحات أبو مرزوق قد تكون محاولة لإرسال رسائل سياسية للإدارة الأميركية، لكنه اعتبر أن هذا ليس المسار الصحيح لكسب تعاطف المجتمع الدولي.
هل هناك انقسام داخل حماس؟
رغم الضجة التي أثارتها تصريحات أبو مرزوق، يستبعد المصري وجود انقسام حقيقي داخل حماس، معتبرًا أن ما يحدث هو مجرد اختلاف في تقدير الموقف بين القيادات.
وأوضح أن قيادة حماس في الخارج، التي يمثلها أبو مرزوق، لديها حسابات سياسية مختلفة عن قيادة الداخل، التي تتحمل العبء الأكبر من الخسائر الميدانية.
وأشار إلى أن أي مراجعة سياسية داخل حماس يجب أن تتم ضمن الإطار الفلسطيني العام وليس عبر وسائل الإعلام الغربية، موضحًا: “لو تم تناول هذه المراجعة داخل فلسطين، بمشاركة القوى الوطنية، لكان من الممكن الخروج برؤية سياسية تتلاءم مع التغيرات الجيوسياسية.”
مستقبل سلاح حماس.. تنظيم أم تنازل؟
يؤكد المصري أن مسألة سلاح حماس ليست جديدة، لكنها باتت أكثر إلحاحًا بعد التطورات الأخيرة، مشددًا على أن القضية ليست “نزع السلاح”، بل “تنظيمه”.
وتساءل المصري: “لماذا يكون السلاح عنصر إعاقة لإنفاذ القانون داخل غزة؟ ولماذا لا يخضع لقرار سياسي موحد؟”
حماس أمام مفترق طرق
يرى المصري أن حركة حماس أمام خيارين رئيسيين:
الدخول في شراكة سياسية حقيقية مع منظمة التحرير الفلسطينية، مما قد يمنحها شرعية دولية ويخفف من عزلتها.
التمسك بموقفها الحالي، ما قد يؤدي إلى استمرار الضغوط الدولية والعزلة السياسية.
وختم المصري حديثه بالتساؤل: “إذا كانت حماس مستعدة لمناقشة موضوع السلاح والاعتراف بحدود 1967، فلماذا لا تدخل في إطار منظمة التحرير وتشارك في القرار الفلسطيني؟”
الأيام القادمة حاسمة
يبقى مستقبل السلاح في غزة ملفًا معقدًا وشائكًا، تتداخل فيه العوامل الداخلية والخارجية، فيما تعكس التصريحات المتباينة داخل حماس مرحلة مفصلية قد تحدد مسار الحركة سياسيًا وعسكريًا في الفترة المقبلة.