Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

ما هي جذور التوترات بين الجزائر وفرنسا؟ أزمة أعمق من الاعتقالات

شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا تصاعدًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة بعد سلسلة من الاعتقالات التي استهدفت مواطنين جزائريين في فرنسا، مما أثار أزمة دبلوماسية بين البلدين.

إلا أن هذه الأحداث قد تكون مجرد قمة جبل الجليد في علاقة معقدة تتجاوز الاعتقالات السياسية والتوترات حول قضايا مثل الصحراء الغربية.

في يناير 2025، قامت السلطات الفرنسية باعتقال عدد من المواطنين الجزائريين المقيمين في فرنسا بتهم التحريض على العنف والكراهية عبر الإنترنت، وتوجيه انتقادات ضد الحكومة الجزائرية.

من بين هؤلاء المعتقلين، كان بوعلام نعمان، الذي تم ترحيله إلى الجزائر بعد احتجازه في فرنسا.

لكن ما أثار الأزمة هو رفض السلطات الجزائرية السماح له بالدخول، متهمة فرنسا بمحاولة “إذلال” الجزائر، ما أسفر عن تصعيد جديد في العلاقات بين البلدين.

وفي إطار متصل، اعتقلت السلطات الجزائرية الناشط السياسي عبد الوكيل بلام في بداية العام بتهم تتعلق بالإرهاب ونشر أخبار كاذبة، وهو ما اعتبره المنتقدون جزءاً من حملة قمع ضد المعارضين، وهو ما يثير قلق السلطات الأوروبية من تراجع حرية التعبير في الجزائر.

بلام، الذي يعتبر من أبرز منتقدي الحكومة الجزائرية، تم اتهامه بدعم شبكة إرهابية دولية عبر منصات التواصل الاجتماعي.

لكن هذه الاعتقالات ليست وحدها السبب وراء التوترات المتصاعدة. ففي نوفمبر 2024، تم اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر بعد وصوله إليها، حيث اتهمته السلطات بالتورط في تهديد أمن الدولة الجزائري.

صنصال، الذي اشتهر بانتقاداته الحادة للنظام الجزائري، واجه محاكمة بتهم تشمل الأعمال الإرهابية والتخريبية. وتصاعدت الأمور حينما وصف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون صنصال بأنه “محتال” يعمل لصالح فرنسا لزعزعة استقرار الجزائر.

ومع تزايد هذه الحوادث، تتدهور العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا في العديد من الملفات الأخرى، خصوصًا في قضايا السياسة الإقليمية.

فقد تسببت تصريحات فرنسية في يوليو 2024 بشأن اعتراف فرنسا بخطة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية تحت السيادة المغربية في غضب الجزائر، التي وصفت الموقف بأنه “مفاجئ وسوء تقدير” من جانب فرنسا.

تتداخل هذه التوترات مع أزمة أعمق بكثير، إذ يرى الكثير من المراقبين أن العلاقة بين البلدين تدهورت على خلفية الصراعات التاريخية غير المنتهية بين الجزائر وفرنسا.

فبعد الاستعمار الفرنسي للجزائر والذي انتهى في 1962، لم تتمكن باريس والجزائر من بناء عملية مصالحة حقيقية.

ترفض فرنسا تقديم تفسير نقدي لدورها الاستعماري في الجزائر، بل إن النظام التعليمي الفرنسي لا يزال يقدم الاستعمار بشكل ملتبس، حيث يُذكر إلى جانب آثاره السلبية بعض الجوانب “الإيجابية”، وهو ما يثير غضب الجزائريين.

هذه القضايا التاريخية المعقدة تتداخل مع التوترات الحالية، سواء تلك المتعلقة بالصحراء الغربية أو بانتقادات الحكومة الجزائرية.

وعلى الرغم من أن كلا البلدين يُظهر رغبته في تجنب التصعيد، إلا أنه من الصعب تصور تحسن سريع في العلاقات بينهما في ظل الوضع الحالي. مع تنامي القلق في الجزائر من العزلة الدولية، وزيادة التوترات الداخلية في فرنسا، قد تتجه الأمور نحو المزيد من سوء التفاهم.

إذا استمرت هذه الخلافات دون معالجة حقيقية، قد تفضي إلى قطيعة دبلوماسية كاملة بين البلدين، وهو ما يُذكر بالعلاقات المتدهورة بين فرنسا وبعض حلفائها في منطقة الساحل.

وعليه، فإن العلاقات الجزائرية-الفرنسية قد تدخل في مرحلة جديدة من القطيعة التي سيكون من الصعب التراجع عنها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى