
أثارت حالة الرهائن الإسرائيليين الثلاثة الذين تم إطلاق سراحهم قبل أيام موجة من الغضب الأمريكي، وسط اتهامات لحركة حماس بانها أقدمت على تعذيبهم.
هذه الحالة كانت مرتكزا لرؤية أمريكية جديدة نشرها دانيا شابيرو السفير الأمريكي في إسرائيل بين 2011-2017، بموقع “المجلس الأطلنطي”، طرحت ما أسماه خطة بديلة في غزة ما بعد الحرب، والتي ركزت على إزاحة حماس دون تهجير الغزيين من أرضهم.
فقد عززت هذه الصورة تلك الدعوات داخل إسرائيل لإزالة حماس بالكامل من الحكم في غزة، وهي دعوات تتنافس مع الحاجة الملحة للإفراج عن جميع الرهائن المتبقين، وهي قضية زادها تعقيدًا تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا.
واستندت هذه الرؤية إلى أنه “لا يمكن لإسرائيل التعايش مع كيان قادر على تنفيذ هجمات بحجم ما حدث في 7 أكتوبر 2023، أو احتجاز رهائن لأكثر من 500 يوم. كما أن الفلسطينيين الذين يعيشون تحت حكم حماس محكوم عليهم بمزيد من الحروب والمعاناة”.
بدائل غائبة وخطط فاشلة:
يقول شابيرو: على مدار إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، التي كنت جزءًا منها، وكذلك خلال فترة ترامب القصيرة في منصبه، تعثرت جميع الجهود الرامية إلى التخطيط لما بعد الصراع بسبب الفشل في إزاحة حماس عن الحكم.
ويزيد الأمر تعقيدًا أن الخطة الوحيدة المطروحة حاليًا هي الاقتراح الخيالي لترامب، الذي يدعو إلى إفراغ غزة من الفلسطينيين وتسليمها للسيطرة الأمريكية لتحويلها إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.
ويرى شابيرو أن الدول العربية تحاول الابتعاد عن هذا الطرح غير الواقعي، والذي تعتبره عاملًا مزعزعًا للاستقرار وضربة قاصمة لطموحها في إقامة دولة فلسطينية.
فبعد اجتماعه في البيت الأبيض، نشر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني على منصة “إكس” تأكيدًا على موقف الأردن الراسخ ضد تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، مشددًا على أن هذا هو “الموقف العربي الموحد”. وفي غضون ذلك، أرجأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارته إلى واشنطن.
ضرورة تقديم خطة بديلة:
لكن الدول العربية بحاجة إلى تقديم بديل، وهو ما أبلغه الملك عبد الله لترامب خلال اللقاء، مشيرًا إلى أن الدول العربية ستطرح خطة خلال الأسابيع المقبلة يجب أن تتضمن إزالة حماس من السلطة.
خلاف ذلك، لن نشهد سيناريو ترامب الخيالي، بل مزيدًا من الحروب والدمار والضحايا.
لإيجاد صيغة قابلة للتنفيذ، ينبغي على الدول العربية، بقيادة السعودية والإمارات وقطر والكويت، أن تبدي استعدادها لضخ استثمارات ضخمة في إعادة إعمار غزة.
كما يجب أن تشارك مصر والأردن والمغرب والإمارات والبحرين وإندونيسيا في قوة استقرار متعددة الجنسيات، مدعومة من الولايات المتحدة، تتولى تأمين إيصال المساعدات الإنسانية والحفاظ على النظام العام.
وفي المقابل، يتعين على إسرائيل أن تخفف من معارضتها لإشراك عناصر من السلطة الفلسطينية في إدارة غزة، مع العمل على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
لكن هذه الأطراف، إلى جانب الفلسطينيين في غزة، يمكنها أيضًا تحقيق ما فشلت إسرائيل عسكريًا في تحقيقه: إزالة حماس من الحكم.
نموذج لإزاحة حماس:
النموذج الذي يمكن اتباعه معروف. ففي عام 1982، نجح المبعوث الأمريكي الخاص فيليب حبيب في التوصل إلى اتفاق أدى إلى إجلاء زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات و14 ألفًا من مقاتلي المنظمة من بيروت، التي كانت محاصرة آنذاك، إلى دول عربية مختلفة، مما حال دون اجتياح إسرائيلي للعاصمة اللبنانية.
ويتطلب تحديد قادة ومقاتلي حماس تعاونًا استخباراتيًا مشتركًا بين إسرائيل والدول العربية والولايات المتحدة.
كما ينبغي أن تتحمل دول الخليج تمويل هذه العملية، التي قد تشمل ترحيل نحو 20 ألف مقاتل من حماس إلى دول مثل قطر وإيران وتركيا وماليزيا والجزائر وروسيا، وهي جميعها دول لديها ارتباطات بحماس. وسيكون على الولايات المتحدة رفع العقوبات التي تعيق تنفيذ هذا الإجراء، لكن إبعاد حماس عن غزة يستحق ذلك.
في النهاية يرى شابيرو أن لدى ترامب فرصة نادرة لاستخدام نفوذه لإقناع القادة في الشرق الأوسط بدعم هذه الخطة، بدلًا من الترويج لمشروع خيالي عن تحويل غزة إلى منتجع سياحي أمريكي لا يحظى بأي دعم عربي حقيقي.
إذا كان الهدف هو إنهاء الحرب سريعًا وبدء عملية إعادة الإعمار، فإن إزالة حماس هي الخطوة الأولى والأساسية.