
مونتي هول، مقدم برنامج الألعاب الشهير “Let’s Make a Deal”، قد يكون قد غيّر مسار اللعبة في عالم التلفزيون، ولكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يصف نفسه بلا خجل بـ”أفضل صديق لإسرائيل على الإطلاق”، هو الذي سيختبر هذا الادعاء بشكل فعلي في 4 فبراير، عندما يستضيف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض.
قبل أن يصبح رئيسًا، كان ترامب بعيدًا عن التقليدية السياسية. فقد دخل المشهد بقوة، مدفوعًا بحملات عالية الصوت، مع إرسال مبعوثه الجديد للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، إلى المنطقة فور فوزه في الانتخابات.
وهدد ترامب بتهديدات غامضة ضد حماس، مما أثار قلقًا في العواصم العالمية حول سياسات إدارته المحتملة. ومع دخوله إلى المكتب البيضاوي في 20 يناير، تغيرت قواعد اللعبة، وأصبح يتعين على القادة الدوليين مراقبة مواقف ترامب عن كثب.
وفي هذا السياق، بدأ المراقبون في القدس بفحص توجيهات ترامب السياسية. ورغم تشجيع المسؤولين الإسرائيليين على ترشيح شخصيات مثل مايك هاكابي وإليز ستيفانيك لشغل المناصب الكبرى في إسرائيل والأمم المتحدة، إلا أن هذا لم يكن كافيًا لتحديد الاستراتيجية الحقيقية لإدارة ترامب.
فالرئيس الأمريكي تنقل بين وعود بإنهاء الحروب، وأحيانًا دعم علني لإسرائيل في قضايا حاسمة، مما خلق حالة من الغموض حول المواقف الأمريكية المستقبلية.
نتنياهو، في زيارته المرتقبة إلى واشنطن، سيحاول الحصول على دعم ترامب في قضايا رئيسية بالنسبة لإسرائيل.
على رأس تلك القضايا، استمرار الحملة الإسرائيلية ضد حماس في غزة، التطبيع مع السعودية، وأيضًا التصدي للتهديد الإيراني، لكن المشكلة تكمن في أن ترامب قد لا يتبنى بالضرورة نفس الاستراتيجية التي يسعى إليها نتنياهو.
أحد الشخصيات البارزة في حكومة نتنياهو، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، يعارض بشدة أي توقف في الهجمات على غزة ويؤكد على ضرورة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغزة.
أما في ما يتعلق بإيران، فيرى بعض المسؤولين الإسرائيليين ضرورة التصعيد قبل أن تتمكن طهران من إعادة بناء قوتها بعد الضربات الإسرائيلية.
من ناحية أخرى، يبدو أن ترامب، حسب مؤشرات عديدة، قد يميل إلى الضغط من أجل تسوية الأزمة في غزة والبحث عن هدنة، مع الحفاظ على زخم التقارب الإسرائيلي السعودي – وهي خطوة قد لا تكون مريحة لسموتريتش، وبالنسبة لإيران، قد يفضل الرئيس الأمريكي بداية المفاوضات بدلاً من التصعيد العسكري.
وبينما تدور هذه المناورات السياسية، تصبح التساؤلات الأبرز: ما هو تعريف ترامب الحقيقي للصداقة مع إسرائيل؟ هل سيواصل دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حماس حتى “النصر الكامل” كما يطالب نتنياهو، رغم أن ذلك قد يعرقل فرص التطبيع مع السعودية؟ أم سيضغط على إسرائيل لوقف الهجوم من أجل تلبية مطالب الرياض المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية، مما قد يؤدي إلى تراجع الدعم السياسي لنتنياهو في الكنيست؟ أو ربما سيركز على اتفاقات مرنة، تمنح إسرائيل بعض التنازلات تجاه الفلسطينيين مقابل دور أمريكي أقوى في مواجهة إيران؟
في النهاية، ستكون أي خطوة يتخذها ترامب محفوفة بالمخاطر.
ومع ذلك، ما هو مؤكد هو أن الرئيس الأمريكي، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، يملك العديد من الأدوات الدبلوماسية والعسكرية التي يمكنه استخدامها لتحقيق أهدافه.
ففي 4 فبراير، سيتابع العالم ما إذا كان ترامب سيعرض على نتنياهو صفقة يصعب رفضها، أو ما إذا كان سيتخلى عن الوعود السامية ويضع إسرائيل في موقف صعب.