Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

روسيا وأمريكا.. تحدي استراتيجي في الشرق الأوسط

ترى الباحثة آنا بورشيفسكايا أن الشرق الأوسط تأتي في قلب التفاعلات بين روسيا وأمريكا ضمن محادثات السلام التمهيدية للحرب في أوكرانيا.

وأشارت في دراسة لها على موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إلى واشنطن تواجه تحديًا استراتيجيًا في ضمان ألا تؤدي نتيجة حرب أوكرانيا إلى تعزيز نفوذ موسكو وطهران، ما يفرض عليها اتباع نهج واقعي في استقطاب الدعم العربي.

حرب عالمية بين رؤى متضادة

منذ غزوها لأوكرانيا في 24 فبراير 2022، اعتبرت روسيا الحرب صراعًا عالميًا ضد الولايات المتحدة والغرب، حيث تسعى إلى ترسيخ نظام دولي يمنح القوى الكبرى نفوذًا مطلقًا في مناطق نفوذها.

وعلى الرغم من العقوبات الغربية الثقيلة، لم يتم عزل روسيا بالكامل، مما مكّنها من إيجاد موارد خارجية لدعم مجهودها الحربي، لا سيما في الشرق الأوسط.

عبر تعميق تحالفها مع إيران ودعم الاضطرابات الإقليمية، سعت موسكو إلى تشتيت انتباه الغرب وإضعافه.

وفي المقابل، التزمت دول عربية كثيرة بسياسة الحياد أو قدمت مساعدات محدودة لأوكرانيا، مفضلة تحقيق مصالحها الخاصة بدلاً من الانخراط في المواجهة.

إدانة سطحية وأولويات متباينة

اقتصرت الإدانات العربية للغزو الروسي على تصويت شكلي لصالح قرارات غير ملزمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما كانت المواقف أكثر حذرًا في المحافل الأخرى.

على سبيل المثال، أعربت الجامعة العربية عن “قلقها العميق” دون توجيه إدانة صريحة لموسكو. ومع مرور الوقت، امتنعت دول رئيسية مثل مصر والسعودية والإمارات عن التصويت على قرارات تطالب بانسحاب روسي غير مشروط.

في الوقت ذاته، لم تواجه الدول العربية أي تبعات من واشنطن لعدم التزامها بالعقوبات الغربية، ما عزز موقفها الحيادي.

ويشير مسؤولون إقليميون إلى أن واشنطن أبدت ازدواجية في المعايير بدعمها السريع لأوكرانيا بينما لم تقدم الدعم نفسه لحلفائها في الشرق الأوسط عند الحاجة.

تحالفات متغيرة وتوسع تجاري مع روسيا

رغم ضعف الأداء العسكري الروسي في أوكرانيا، استمر الاهتمام العربي بالسلاح الروسي، لا سيما الطائرات والصواريخ. كما عززت دول الشرق الأوسط وتركيا علاقاتها الاقتصادية مع موسكو خلال الحرب، حيث:

  • أصبحت تركيا والإمارات وجهات رئيسية للأثرياء الروس الخاضعين للعقوبات.
  • نمت التجارة الروسية التركية، وتهدف أنقرة لرفعها إلى 100 مليار دولار.
  • تضاعفت التجارة بين روسيا ومصر، لتصل إلى 8 مليارات دولار في 2024.
  • ارتفع التبادل التجاري بين روسيا والإمارات ستة أضعاف في خمس سنوات، ما جعلها ثامن أكبر سوق للصادرات الروسية.
  • نسّقت السعودية مع روسيا في تخفيض إنتاج النفط، مما حافظ على ارتفاع الأسعار وأمن لموسكو موارد مالية إضافية.

وساطة إنسانية ومواقف متباينة

اتبعت دول الخليج نهج الوسيط في الحرب، حيث قادت السعودية عمليات تبادل أسرى، ووفرت أكثر من 400 مليون دولار مساعدات إنسانية.

كما قامت الإمارات وقطر بجهود مماثلة. وفي حين توسطت تركيا في اتفاق البحر الأسود للحبوب، فقد انهار الاتفاق عندما انسحبت منه روسيا في 2023.

ومع سعي إدارة ترامب لحل سريع للحرب، تحذر التقديرات من أن أي انتصار روسي سيضعف النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط ويمنح موسكو وإيران مزيدًا من القوة. لذا، يجب على واشنطن:

  1. دمج روسيا وإيران في استراتيجية واحدة: فتمكين أحدهما يعزز الآخر، كما يتضح من اتفاق الشراكة الإستراتيجية الذي وقعته موسكو وطهران مؤخرًا.
  2. تعزيز الانخراط الأميركي في سوريا بعد الأسد: لقطع الطريق على موسكو ومنع إعادة ترسيخ نفوذها هناك.
  3. إعادة التأكيد على الالتزام بحلفاء الشرق الأوسط: من خلال مقاربة واقعية تركز على المصالح المشتركة بدلاً من فرض مواقف غير مدعومة بتدابير عملية.
  4. ضمان أمن أوكرانيا كأولوية استراتيجية: إذ لا يمكن إعلان النصر دون تحقيق شروط تضمن استقلال كييف وإضعاف قدرة روسيا على تهديدها مجددًا.

مع اقتراب محادثات السلام، تمر المنطقة والعالم بلحظة حاسمة ستحدد معالم النظام الدولي الجديد، ما يستوجب من واشنطن تبني استراتيجية متماسكة تمنع روسيا من تحقيق مكاسب طويلة الأمد على حساب المصالح الأميركية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى