Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

ترامب وإدارة التغيرات في الشرق الأوسط

شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات كبيرة وسريعة تركت أثراً عميقاً على الساحة الإقليمية والدولية، من سقوط نظام الأسد في دمشق إلى انتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية بعد شغور دام عامين، تتكشف معالم مشهد جديد يعيد طرح الأسئلة حول الدور الأميركي، خصوصاً فيما إذا كانت إدارة ترامب، المعروفة بقراراتها المثيرة للجدل، قد ساهمت في تسريع هذه التحولات.

ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأدنى، يقول لـ”سكاي نيوز عربية” إن انتخاب جوزيف عون كان نتيجة مباشرة لتراجع حزب الله وضعف النفوذ الإيراني في لبنان. وأضاف أن الأزمة الاقتصادية الحادة التي يواجهها لبنان دفعت القوى السياسية إلى البحث عن شخصية تحظى بإجماع محلي ودولي.

ووفقا لشينكر، يُعد انتخاب عون انعكاسًا لمرحلة جديدة تسعى فيها القوى الدولية إلى وضع حد للفوضى التي استمرت في لبنان خلال السنوات الخمس الماضية. وأكد على ضرورة الالتزام بالقرارات الدولية مثل القرار 1701 لضمان السيطرة على الحدود ومنع التسلل غير المشروع للأسلحة. ومع ذلك، حذر من أن إيران لن تتخلى بسهولة عن دعمها للميليشيات، مما يزيد من تعقيد التحديات الأمنية في لبنان وسوريا.

ترامب ودوره في التحولات الإقليمية

تزامنت التغيرات في لبنان وسوريا مع اقتراب استلام دونالد ترامب منصب الرئيس في البيت الأبيض، مما أثار تساؤلات حول دور إدارته في إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة.

كما أن العلاقة الوثيقة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تعد أحد العوامل المؤثرة في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، بما في ذلك الملف اللبناني.

الخبير في السياسة الخارجية الأميركية، هارلي ليبمان، يرى أن انتخاب عون يعكس جهودًا دولية من الولايات المتحدة وفرنسا وقطر والسعودية لدعم استقرار لبنان.

ويشير إلى أن المبعوث الأميركي آموس هوكستين لعب دورًا مهمًا في إقناع الأطراف اللبنانية بتقديم تنازلات من أجل دعم انتخاب عون. ومع ذلك، حذر ليبمان من مشاريع قد تُطرح لدمج مقاتلي حزب الله في الجيش اللبناني، مما قد يمنحهم سيطرة على المؤسسة العسكرية.

التراجع الإيراني ومستقبل حزب الله

ومع تراجع النفوذ الإيراني في المنطقة نتيجة العقوبات الاقتصادية والتغيرات السياسية الإقليمية، يبدو أن حزب الله يواجه تحديات غير مسبوقة.

وأشار شينكر إلى أن الحزب، رغم ضعفه الحالي، لا يزال يحتفظ بقوة عسكرية كبيرة تقدر بـ16,000 مقاتل، محذرًا من أن استمرار وجود الحزب كقوة سياسية وعسكرية يُهدد استقرار لبنان.

من جانبه، يرى ليبمان أن غياب إيران عن الساحة اللبنانية يُعد فرصة كبيرة للشعب اللبناني لاستعادة زمام المبادرة. وأضاف أن اللبنانيين يتطلعون إلى السلام مع جيرانهم وإلى مستقبل خالٍ من التدخلات الأجنبية التي استنزفت مواردهم.

فرصة تاريخية للبنان

يعتقد شينكر وليبمان أن انتخاب جوزيف عون يُمثل فرصة تاريخية للبنان لإعادة بناء مؤسساته واستعادة سيادته. ومع ذلك، يتفق الخبيران على أن نجاح هذه المرحلة يعتمد بشكل كبير على التزام القيادة اللبنانية بالإصلاحات ومكافحة الفساد، بالإضافة إلى دعم دولي مستمر.

ليبمان شدد على أهمية أن يبقى لبنان ملكاً للبنانيين، وأن لا يُستخدم كوكيل لصراعات القوى الإقليمية. وأعرب عن أمله في أن تسهم هذه المرحلة في تعزيز الأمن والاستقرار، مما يفتح المجال أمام عودة الاستثمارات العربية والدولية إلى لبنان.

وتشكل التغيرات في منطقة الشرق الأوسط فصلاً جديدًا في تاريخها، حيث تلعب القوى الدولية والإقليمية أدوارًا محورية في تشكيل مستقبل المنطقة.

وبينما يُعد انتخاب جوزيف عون بارقة أمل للبنانيين، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن القيادة اللبنانية من استثمار هذه الفرصة التاريخية؟ أم أن الصراعات الإقليمية ستعيد إنتاج أزماتها؟ الإجابة على هذا السؤال ستتضح في السنوات القليلة المقبلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى