Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

“قمة فلسطين”.. بدائل الخطة الأمريكية ورسائل دولية

جاءت القمة العربية الطارئة التي استضافتها مصر في عاصمتها الإدارية الجديدة، الثلاثاء، كمحطة سياسية ودبلوماسية مفصلية في توقيت حاسم، وسط إعادة تشكيل النظامين العالمي والإقليمي وتزايد التهديدات للأمن القومي العربي.

وقد تبنَّت القمة الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، وفق ما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في البيان الختامي، فيما أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن القمة تبنت “خطة عربية” تتضمن مراحل إعادة الإعمار وتحدد إطارًا أمنيًا وسياسيًا جديدًا للقطاع.

جريدة النهار اللبنانية تناولت بالتحليل مخرجات القمة العربية التي انعقدت في القاهرة، وما حملته من رسائل ودلالات.

خطة مصرية في مواجهة تهجير غزة:

أُطلقت على القمة إعلاميًا اسم “قمة فلسطين”، حيث جاءت لمواجهة المقترح الأمريكي الذي طرحه دونالد ترامب، والقاضي بتهجير سكان غزة وإقامة “ريفييرا الشرق الأوسط” في القطاع.

وأكد السيسي في كلمته الافتتاحية أن الحرب الأخيرة “سعت إلى تفريغ القطاع من سكانه وتدمير سبل الحياة فيه”، مشددًا على ضرورة التصدي لمحاولات فرض واقع جديد يخالف الحقوق الفلسطينية المشروعة.

أبعاد الخطة المصرية:

وفقًا لمسودة الخطة، التي نشرتها صحيفة “النهار”، فإن إعادة إعمار غزة ستتم عبر مرحلتين تمتدان لخمس سنوات، بتكلفة تصل إلى 53 مليار دولار، مع إنشاء صندوق ائتماني دولي لضمان الشفافية والرقابة.

لكن اللافت في الخطة هو تأكيدها على نزع سلاح الفصائل، وهو ملف شديد الحساسية، إذ تشير المسودة إلى ضرورة “إزالة أسباب وجود السلاح” عبر أفق سياسي واضح يعيد الحقوق لأصحابها.

كما تتضمن الخطة تشكيل لجنة تكنوقراط مستقلة لإدارة غزة لمدة ستة أشهر، تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، تمهيدًا لتمكين السلطة من استعادة السيطرة على القطاع بالكامل.

وترافق هذا الطرح مع إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن استعداد حركة “فتح” لإعادة المنشقين، وتشكيل لجنة لاستلام قطاع غزة وإدارته من خلال مؤسسات السلطة الوطنية.

التحدي الأمني ومسألة سلاح الفصائل

على الرغم من أن حركة “حماس” لم تصدر ردًا رسميًا على الخطة، فإن تصريحات غير رسمية لقيادات فيها تشير إلى اعتبارها ملف السلاح “خطًا أحمر”.

إلا أن مصادر دبلوماسية كشفت لـ”النهار” عن وجود تيار داخل “حماس” أكثر انفتاحًا على الحلول السياسية، بل ومستعد للتخلي عن إدارة القطاع.

وفي هذا السياق، اعتبر اللواء محمد رشاد، وكيل الاستخبارات العامة المصرية السابق، أن “حركات المقاومة، وفي مقدمتها حماس والجهاد الإسلامي، باتت تدرك أن استمرارها خارج إطار منظمة التحرير الفلسطينية أصبح غير واقعي”.

القمة العربية في سياق التحولات العالمية

يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية، الدكتور وليد قزيحة، أن القمة شكلت مؤشرًا إيجابيًا على وحدة الموقف العربي، لكنه يبدي تشاؤمًا بشأن استجابة الإدارة الأمريكية، موضحًا أن “النظام العالمي يُعاد تشكيله حاليًا بقرارات أحادية من واشنطن تدعم السياسات الإسرائيلية المتشددة”.

لكنه يشير إلى أن أوروبا قد تكون لاعبًا داعمًا للخطة العربية، في ظل تعارض بعض الدول الأوروبية مع سياسات التهجير القسري.

من جانبه؛ قال مدير “المركز العربي للبحوث والدراسات” في القاهرة، الدكتور هاني سليمان، إن توقيت القمة كان عنصرًا حاسمًا في تعطيل المقترحات الإسرائيلية البديلة، مثل خطة زعيم المعارضة يائير لابيد التي دعت إلى وضع غزة تحت إدارة مصرية مؤقتة، وهو ما رفضته القاهرة بشدة، بالإضافة إلى تهديدات أفيغدور ليبرمان التي تضمنت دعوات لترحيل الفلسطينيين إلى سيناء.

زخم عربي للخطة المصرية

في ظل هذه التحولات، يرى محللون أن القمة منحت زخمًا قويًا للمبادرة المصرية، خاصة مع دعمها من قبل الدول العربية والسلطة الفلسطينية.

وبينما تظل التحديات قائمة، يبدو أن القاهرة نجحت في فرض رؤيتها كبديل وحيد مقبول دوليًا وإقليميًا لإعادة إعمار غزة دون تغيير ديموغرافي قسري، مما يضع الكرة في ملعب المجتمع الدولي للضغط باتجاه تنفيذ هذه الخطة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى