Podcast Icon
سياسة

أزمة الهدنة في غزة.. تعثر الاتفاق وتداعيات التدخل الأمريكي

تشهد الهدنة القائمة في غزة، والتي استمرت لمدة ثلاثة أسابيع، خطر الانهيار بعد إعلان حركة حماس رفضها إطلاق الدفعة التالية من الرهائن الإسرائيليين، مبررة ذلك بانتهاكات إسرائيلية مزعومة لاتفاق وقف إطلاق النار. هذا التعثر في تنفيذ الصفقة قد يعرقل المرحلة التالية من الاتفاق، مما يهدد استمرارية الهدنة ويعيد الأوضاع إلى مربع التصعيد العسكري.

تصعيد سياسي وتأثير التدخل الأمريكي
ذكرت بيثان ماكرينان، مراسلة صحيفة غارديان البريطانية في القدس، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زاد من حدة التوتر عندما هدد بأن “الجحيم سينفتح” إذا لم تطلق حماس سراح جميع الرهائن المحتجزين لديها.

تصريحات ترامب لم تقتصر على التهديد، بل تضمنت اقتراحًا مثيرًا للجدل بأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على قطاع غزة وتعمل على “تطويره”، وهو ما أثار ردود فعل حادة، نظرًا لما قد يعنيه ذلك من إلغاء المراحل المقبلة من الهدنة.

وأضاف ترامب أن القرار النهائي بشأن التعامل مع حماس سيكون بيد إسرائيل، مشيرًا إلى أنه يتحدث من وجهة نظره الشخصية، لكنه أكد في الوقت نفسه أن حماس “ستعرف ما يعنيه”. كما هدد بحجب المساعدات عن مصر والأردن إذا لم تقوما باستقبال اللاجئين الفلسطينيين من غزة، مما أثار انتقادات حادة من الدول العربية التي رفضت أي محاولات لفرض تهجير قسري للسكان.

تباين داخل الحكومة الإسرائيلية حول استمرار الهدنة
منذ توقيع الاتفاق، أثيرت شكوك حول مدى استعداد إسرائيل للانتقال من المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية. ويبدو أن الخلافات داخل الائتلاف الحاكم برئاسة بنيامين نتنياهو قد تعيق تنفيذ الصفقة.

وزير المالية الإسرائيلي، المتطرف بتسلئيل سموتريش، هدد بالانسحاب من الحكومة إذا لم تُستأنف العمليات العسكرية فور انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة. وفي حال تنفيذ تهديده، سيجد نتنياهو نفسه أمام معضلة الاختيار بين الحفاظ على تماسك حكومته أو الالتزام بالاتفاق.

وكان من المقرر أن تتم عملية التبادل التالية للرهائن الإسرائيليين مقابل سجناء فلسطينيين يوم السبت، حيث تشكل هذه الدفعة السادسة ضمن المرحلة الأولى التي تستمر ستة أسابيع. وبموجب الاتفاق، كان يفترض أن تستمر عمليات تبادل الأسرى والرهائن بشكل أسبوعي حتى الثاني من مارس (آذار).

تفاصيل الاتفاق المعلق ومراحله الثلاث
يقوم اتفاق وقف إطلاق النار على ثلاث مراحل رئيسية:
المرحلة الأولى: إطلاق سراح دفعات من الرهائن الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، واستمرار وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع.
المرحلة الثانية: إطلاق جميع الرهائن الأحياء المتبقين، وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة، ما يعني فعليًا إنهاء الحرب.
المرحلة الثالثة: تشمل تبادل جثامين الرهائن المتوفين مقابل جثامين مقاتلي حماس، إلى جانب بدء خطة إعادة إعمار غزة.

لكن تنفيذ هذه المراحل يواجه عقبات كبيرة، إذ لم تبدأ المحادثات الخاصة بالمرحلة الثانية كما كان مقررًا الأسبوع الماضي، حيث سمح نتنياهو لفريقه التفاوضي بمناقشة الأمور التقنية فقط المتعلقة بالمرحلة الأولى، متجنبًا الخوض في تفاصيل المراحل اللاحقة.

التدخل الأمريكي والمخاوف من انهيار الاتفاق
حذرت مصادر فلسطينية وإسرائيلية وعربية من أن وقف إطلاق النار قد وصل إلى نقطة حرجة، حيث جاء التدخل المباشر لترامب ليعزز الشكوك حول نوايا واشنطن في المضي قدمًا بتنفيذ الاتفاق المرحلي.

وقد أدانت الدول العربية اقتراح ترامب بترحيل سكان غزة إلى مصر والأردن، معتبرة أنه يمثل تهديدًا خطيرًا قد يصل إلى حد التطهير العرقي، وفقًا لما صرح به كبير محققي الأمم المتحدة لصحيفة بوليتيكو الأميركية.

تزايد الضغوط على الحكومة الإسرائيلية
أثار ظهور الرهائن الثلاثة الذين تم إطلاق سراحهم يوم السبت في حالة صحية متدهورة صدمة لدى الرأي العام الإسرائيلي، مما زاد من الضغوط على حكومة نتانياهو للتوصل إلى اتفاق يضمن إطلاق سراح المحتجزين الباقين.

وأعرب عدد من الرهائن المحررين عن قلقهم من أن من تبقى في غزة قد يواجهون ظروفًا صعبة قد لا تسمح لهم بالبقاء لفترة أطول.

هل تنهار الهدنة؟
بينما كان من المتوقع دائمًا أن تكون مفاوضات المرحلة الثانية أكثر تعقيدًا من الاتفاق الأولي، إلا أن تعثر تنفيذ الصفقة، والانقسامات داخل الحكومة الإسرائيلية، والتدخل الأمريكي غير المتوقع، جميعها عوامل تجعل استمرار الهدنة موضع شك كبير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى