Podcast Icon
سياسة

غزة بين المبادرة المصرية وتباينات تل أبيب: هل يكون عيد الفطر موعدا لإطفاء نار الحرب؟

مبادرة مصرية تتصدر المشهد: محاولة أخيرة لوقف التصعيد
مع اقتراب عيد الفطر، تصاعدت الجهود الإقليمية والدولية لإعادة إحياء الهدنة في قطاع غزة، وفي قلب هذه التحركات برز المقترح المصري الذي حظي بتأييد مبدئي من حركة “حماس”، بينما تتأرجح إسرائيل بين قبول مشروط ورفض ضمني مدفوع بحسابات سياسية داخلية.

ورغم أن القاهرة لم تعلن تفاصيل المقترح رسمياً، إلا أن التسريبات كشفت عن صيغة تهدئة تدريجية تشمل وقفاً مؤقتاً للقتال، إطلاق رهائن، إدخال مساعدات إنسانية، وصولاً إلى انسحاب إسرائيلي مرحلي بضمانات دولية.

إسرائيل تستأنف التصعيد.. وارتفاع مأساوي في حصيلة الضحايا
بعد 6 أسابيع من الهدنة، استأنفت إسرائيل قصف غزة في 18 مارس، بتنسيق مع الإدارة الأميركية، مبررة التصعيد بتعثر المفاوضات ووجود 59 رهينة ما زالوا محتجزين، يُعتقد أن 24 منهم على قيد الحياة.

أدى التصعيد إلى استشهاد 730 فلسطينياً وإصابة 1367 آخرين خلال أيام، وفق وزارة الصحة في غزة. كما أشارت تقديرات الأمم المتحدة إلى نزوح 124 ألف شخص مجدداً هرباً من القصف.

في موازاة ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي اغتيال صلاح البردويل وإسماعيل برهوم، وهما من قيادات الصف الأول في “حماس”، ليرتفع عدد القتلى في المكتب السياسي للحركة إلى 11 من أصل 20 عضواً.

تفاصيل المبادرة المصرية: وقف القتال على مراحل وضمانات أميركية
وفق ما نشرته “أسوشييتد برس” و”رويترز”، ينص المقترح المصري على:

إفراج “حماس” عن 5 رهائن أحياء، بينهم أميركي – إسرائيلي، مقابل سماح إسرائيل بإدخال مساعدات ووقف القتال لمدة أسبوع.

إطلاق إسرائيل مئات الأسرى الفلسطينيين بالتوازي مع الهدنة.

جدول زمني يضمن إطلاق جميع الرهائن مقابل انسحاب إسرائيلي تدريجي، بضمانة واشنطن.

بدء المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار بعد الإفراج عن أول دفعة رهائن.

موقف حماس: رد إيجابي وسط ضغوط الواقع الإنساني
أكد مسؤول في “حماس” أن الحركة “ردت بشكل إيجابي” على الطرح المصري، معتبرة أن المبادرة قد تشكل فرصة لحقن الدماء، خصوصاً في ظل أوضاع إنسانية كارثية يعيشها القطاع.

المحلل السياسي الفلسطيني د. أيمن الرقب يرى أن “حماس” تميل إلى القبول بالمقترح المصري، ليس فقط لضمان تخفيف المعاناة، ولكن أيضاً لتجنب تحميلها مسؤولية فشل التهدئة أمام الرأي العام الدولي.

الموقف الإسرائيلي: تباينات داخلية وخلافات على الطاولة
على الجانب الإسرائيلي، تتضارب المواقف:
مصدر إسرائيلي أكد وجود “تقدم في المفاوضات رغم العقبات”، وفق “وكالة الصحافة الفرنسية”.
مسؤول آخر نفى لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” علمه بأي مبادرة جديدة.

بنيامين نتنياهو يراهن على التصعيد للتغطية على أزماته الداخلية ومواجهة المظاهرات المتزايدة ضده، ما يجعل التهدئة خياراً مؤجلاً ما لم يتعرض لضغوط أميركية مكثفة.

مبعوث أميركي بين المقترحين: ضغط على حماس أم إسرائيل؟
المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف طرح في 13 مارس مقترحاً محدثاً لتمديد وقف إطلاق النار حتى 20 أبريل، يتضمن إطلاق الرهينة الأميركي – الإسرائيلي عيدان ألكسندر، لكن “حماس” رفضته، ما دفع واشنطن لدعم الوساطة المصرية كبديل.

ويتكوف أوضح أن “المفاوضات مستمرة”، مؤكداً أن “نتنياهو يريد تحرير الرهائن، لكنه يسعى لذلك عبر تكثيف الضغط على حماس” — ما يعكس ازدواجية الموقف الإسرائيلي بين التصعيد العسكري والانخراط في التفاوض.

تحليل الموقف: هل تنجح القاهرة في كسر الجمود؟
الأكاديمي المصري د. أحمد فؤاد أنور يرى أن إسرائيل تستخدم “التباين الداخلي والممانعة” كتكتيك تفاوضي لتحقيق أقصى المكاسب. ويضيف أن “نتنياهو” قد يضطر للموافقة على المبادرة، لتقديمها داخلياً كـ “انتصار سياسي على حماس”، في حال تصاعدت ضغوط الشارع والمعارضة.

أما الرقب، فيعتقد أن الكرة “باتت في ملعب إسرائيل”، ويرى أن قبول نتنياهو مرهون بالضغط الأميركي. لكنه يحذر من أن استمرار التصعيد قد يجهض أي فرصة للاتفاق.

الخلاصة: هدنة على المحك.. وسباق مع الزمن قبل عيد الفطر
وسط دماء ونزوح ومعاناة إنسانية متفاقمة، تشكل المبادرة المصرية بارقة أمل لوقف نزيف غزة، لكنها تصطدم بأجندات إسرائيلية داخلية، تراهن على الوقت والضغط العسكري.

ويبقى التساؤل قائماً: هل تنجح مصر، مدعومة بواشنطن، في فرض هدنة إنسانية تنقذ أرواح المدنيين قبل عيد الفطر؟ أم أن التصعيد سيبقى سيد الموقف، وسط حسابات سياسية وأطماع انتخابية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى