
هل أصبح الوضع مهيأً لسحب سلاح الفصائل الفلسطينية في مخيمات لبنان؟ هذا السؤال عاد ليثار في الأوساط السياسية والأمنية اللبنانية، خصوصاً بعد تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
كما تجدد الحديث بعد تصريح مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، حول القرار 1701، الذي أكد أن الاتفاق يشمل كافة الأراضي اللبنانية، وليس فقط جنوب الليطاني، ويشمل أيضاً مسألة نزع سلاح جميع المجموعات المسلحة، بما في ذلك السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها.
وقد ازداد الاهتمام بالموضوع بعد تسلّم الجيش اللبناني قبل أيام ثلاثة مراكز عسكرية كانت تحت سيطرة فصائل فلسطينية في البقاع الغربي والبقاع الأوسط وراشيا، عقب سقوط النظام السوري الذي كان داعماً لهذه الفصائل.
تكتسب قضية السلاح في المخيمات الفلسطينية أهمية خاصة نظراً لتداعياتها الأمنية والعسكرية والسياسية والاجتماعية والإنسانية، وهي تطرح اليوم في سياق إقليمي ودولي معقد، يتسم بالتوتر المستمر بين لبنان وإسرائيل، خصوصاً بعد الحرب، فضلاً عن التدخلات الإقليمية والدولية في الشؤون اللبنانية.
كما تطرح في وقت يعاني فيه لبنان من وضع داخلي هش، يترافق مع انقسامات سياسية حادة وأزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة، واستمرار أزمة الشغور الرئاسي.
وفي هذا الإطار، أكد أمين سر حركة “فتح” في لبنان، فتحي أبو العردات، في حديثه لـ”النهار”، أن الحركة كانت دائماً تحت سقف القانون، ولها علاقات جيدة مع القوى الأمنية اللبنانية.
وأضاف أن قرار تنظيم السلاح داخل المخيمات هو شأن لبناني، وأن الحركة لن تتدخل في هذا الموضوع، بل ستلتزم بالقرارات التي تتخذها السلطات اللبنانية لضمان الأمن والاستقرار في البلاد. وأشار إلى استعداد الحركة للتعاون مع الدولة اللبنانية من خلال كافة السبل الممكنة.
وحول عودة الحديث عن مسألة السلاح بعد التطورات الأخيرة، أشار أبو العردات إلى أن تنظيم هذا السلاح كان يحتاج إلى الكثير من الحوار والتواصل للوصول إلى حلول ممكنة، وقال إنه سبق أن تم الحديث مع الدولة اللبنانية في هذا الشأن، لكن عدة ظروف حالت دون استكمال الحوار.
أما بشأن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات، فقال أبو العردات إن “الأونروا” هي المعنية بتحسين الظروف المعيشية للاجئين، لكن الدولة اللبنانية أيضاً مسؤولة عن حماية الحقوق الأساسية للاجئين، مثل الحق في العمل، وحق الامتلاك، وحق التنقل والدراسة.
وأوضح أن “العلاقة مع لبنان يجب أن تكون على أساس أن للفلسطينيين حقوقاً ينبغي على الدولة اللبنانية تأمينها، وفي الوقت ذاته عليهم التزام الواجبات تجاه البلد المضيف”.
مشروع إسرائيلي – أمريكي
من جهة أخرى، يرى فؤاد عثمان، مسؤول “الجبهة الديمقراطية” في مخيم عين الحلوة، أن الحديث عن نزع السلاح الفلسطيني هو جزء من “مشروع إسرائيلي-أميركي” يهدف إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر التوطين والتهجير.
وقال في حديثه لـ”النهار” إن هذا المشروع يستغل الظروف السياسية والاقتصادية في لبنان للضغط باتجاه نزع السلاح. لكنه أشار إلى أن رئيس الحكومة اللبنانية كان قد أكد أن الأولوية الآن هي انتخاب رئيس جديد، مع تأجيل بحث قضية السلاح الفلسطيني إلى مرحلة لاحقة ضمن الحوار الفلسطيني- اللبناني.
وأضاف عثمان أن الفلسطينيين يؤكدون أن السلاح ليس للاستخدام العشوائي، بل للدفاع المشروع عن النفس، وأنهم يؤيدون تنظيم هذا السلاح ضمن آليات واضحة بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية اللبنانية لضمان استقرار المخيمات وحمايتها من العدوان الإسرائيلي.
واعتبر عثمان أن قضية السلاح الفلسطيني في لبنان لطالما كانت حساسة، حيث يرتبط هذا السلاح تاريخياً بقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة.
وقال إن الفلسطينيين يعتبرون أن تجربة خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت عام 1982 خلال الاجتياح الإسرائيلي كانت درساً مؤلماً، إذ تعرض اللاجئون لمجازر شنيعة، مما يجعلهم يعتبرون سلاحهم وسيلة للدفاع عن المخيمات ضد أي عدوان محتمل.
وأشار عثمان إلى أهمية فتح حوار شامل بين الفلسطينيين واللبنانيين لتنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان بعيداً عن الفوضى، ويجب أن يتناول هذا الحوار القضايا الحقوقية والإنسانية مثل حق الفلسطينيين في التملك والعمل، إذ لا يزال هؤلاء محرومين من هذه الحقوق حتى الآن.