
قدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني مسعود بيزيشكيان هدية غير تقليدية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قبل تنصيبه، في خطوة تحمل أبعادًا استراتيجية وسياسية تتجاهلها واشنطن على مسؤوليتها.
التوقيت لهذه الهدية كان حساسًا، تمامًا كما هو الحال مع “اتفاقية الشراكة الشاملة” التي وُقّعت بين روسيا وإيران.
قبل ثلاثة أيام فقط من تنصيب ترامب، اجتمع بوتين وبيزيشكيان في موسكو لتوقيع اتفاقية تغطي التعاون في مجالات التجارة، الدفاع، التعليم، الثقافة، والعلوم. الاتفاقية ليست مجرد وثيقة ثنائية، بل تسلط الضوء على صعود محور رباعي يضم الصين، روسيا، إيران، وكوريا الشمالية، وهو تحالف يتحدى المصالح الأمريكية والغربية.
التعاون الرباعي: تحدٍّ مشترك:
أحد أبرز مظاهر هذا المحور المتنامي يتمثل في التعاون الدفاعي والصناعي والاقتصادي بين الدول الأربع. وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الاتفاقية بأنها “خارطة طريق للمستقبل” وليست مجرد معاهدة سياسية.
هذا التعاون جاء نتيجة تقارب تدريجي بدأ منذ غزو روسيا لأوكرانيا، حيث أرسلت إيران طائرات مسيّرة وصواريخ قصيرة المدى لدعم العمليات الروسية. ووفقًا لتحقيق لشبكة CNN، تم تصنيع حوالي 6,000 طائرة مسيرة إيرانية الصنع في مصنع بجنوب روسيا خلال عام 2024، بزيادة كبيرة مقارنة بالعام السابق.
شراكات عسكرية متشابكة:
في يونيو 2024، أبرم بوتين اتفاقية شراكة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وتبعتها بيونغ يانغ بإرسال 10,000 جندي لدعم القوات الروسية ضد الهجوم الأوكراني في منطقة كورسك. كما أبرمت موسكو معاهدة أمنية مع بيلاروسيا تضمنت نشر أسلحة نووية تكتيكية في أراضيها.
العلاقة مع الصين تعززت عبر شراكة “بلا حدود” أعلنها بوتين مع الرئيس شي جين بينغ قبل غزو أوكرانيا، وهو تعاون استراتيجي يمكّن روسيا من الصمود أمام العقوبات الغربية.
ورغم المحاولات الأوروبية والأمريكية لإقناع بكين بالابتعاد عن موسكو، واصلت الصين تقديم دعمها الذي كان حاسمًا لاستمرار العمليات الروسية.
أولويات ترامب وأبعاد الرد الأمريكي:
رغم تركيز ترامب على قضايا مثل قناة بنما وشراء جرينلاند، فإن تعامله مع هذا التحالف الرباعي سيمثل اختبارًا لقدراته على مواجهة أكبر التحديات الجيوسياسية.
قد يوفر الاتفاق الروسي الإيراني الأخير فرصة للولايات المتحدة لاستغلال نقاط ضعف هذا المحور، حيث تعاني إيران من أزمات اقتصادية وعسكرية، فيما تحاول روسيا تحقيق مكاسب تكتيكية دون تقديم ضمانات أمنية شاملة لحلفائها.
إن أحد الأخطاء التي ارتكبتها إدارة بايدن كان الحذر المفرط في التعامل مع هذا المحور المتصاعد. يمكن أن يكون ترامب أكثر استعدادًا لاتخاذ خطوات جريئة لفرض المصالح الأمريكية ومواجهة التحديات الناشئة.
هذه الهدية، وإن بدت فرصة استراتيجية، قد تشكل تحديًا وجوديًا للإدارة الجديدة إذا لم يتم التعامل معها بحزم وذكاء.