صدمة بلا حسم: هل يعيد ترامب صياغة معادلة الحرب مع الحوثيين؟

تحول استراتيجي أم إخفاق تكتيكي؟
استعرض جيمس هولمز، رئيس كرسي “جاي. سي. وايلي” للاستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية، رؤية مفصلة حول النهج العسكري الأمريكي ضد الحوثيين في اليمن، مسلطاً الضوء على التحول الذي قادته إدارة الرئيس دونالد ترامب مقارنةً بسياسة الإدارة السابقة.
يشير هولمز في مقاله بمجلة “ناشونال إنترست” إلى أن حملة ترامب الجوية اتسمت بطابع هجومي مستمر، لكنها افتقرت للحسم الاستراتيجي، ما جعلها أشبه بـ”معركة بلا نهاية”.
صدمة ورعب بنكهة جديدة
وصف هولمز نهج ترامب بـ”الصدمة والرعب 2″ — إشارة إلى استراتيجية جورج بوش في العراق عام 2003 — لكنه أوضح أن النسخة المعدلة التي طبقها ترامب اعتمدت على الضغط المتواصل بدلاً من الضربة الساحقة الواحدة.
على عكس الضربات التقليدية المتقطعة، حرصت إدارة ترامب على الإبقاء على الحوثيين تحت حصار مستمر دون منحهم فرصة لاستعادة قوتهم. الهدف الأساسي كان شل هياكل القيادة والسيطرة لدى الحوثيين ومنعهم من تنظيم هجمات مضادة.
لكن، رغم استمرار القصف، لم تؤدِ الحملة إلى نتيجة حاسمة.
استراتيجية بايدن: الدفاع بدلاً من الهجوم
قارن هولمز نهج ترامب الهجومي بنهج إدارة بايدن، التي ركزت على حماية الشحن البحري في البحر الأحمر، بدلاً من استهداف الحوثيين مباشرة.
رأى هولمز أن استراتيجية بايدن تفاعلية — أي أنها تتحرك رداً على الهجمات بدلاً من المبادرة بالهجوم — ما جعلها أقل فعالية في ردع الحوثيين، الذين استمروا في استهداف الملاحة الدولية.
حدود القوة الجوية: “تدمير بلا سيطرة”
يشير الكاتب إلى نقطة ضعف جوهرية في حملة ترامب: عدم قدرة القوة الجوية وحدها على تحقيق النصر.
اعتمدت استراتيجية ترامب على الضربات التراكمية — أي غارات فردية متفرقة تهدف إلى استنزاف العدو بمرور الوقت — لكنها لم تتقدم استراتيجياً لفرض سيطرة على الأرض.
وفقاً لهولمز، هذه الحملة تفتقر إلى عنصر “العمليات المتسلسلة”، الذي يتطلب تقدم القوات تدريجياً للاستيلاء على المواقع والاحتفاظ بها.
وأشار إلى أن التدمير وحده لا يعني السيطرة، مستشهداً بحروب تاريخية:
في حرب فيتنام، لم تنجح حملات القصف المكثف في إجبار العدو على الاستسلام.
في حرب الخليج 1991، رغم نجاح الضربات الجوية، كان لا بد من عملية برية لحسم المعركة.
الحوثيون: صمود وتكيف سريع
رصد هولمز قدرة الحوثيين على التكيف وإعادة بناء قدراتهم العسكرية، مشيراً إلى الدعم الإيراني المستمر الذي زودهم بالأسلحة المتطورة والتدريب والمساعدات اللوجستية.
هذا الدعم مكنهم من مواصلة القتال رغم الضربات الجوية الأمريكية.
وحذر الكاتب من أن استمرار القصف الجوي وحده، دون تكامل مع جهود دبلوماسية واقتصادية أو عمليات برية، لن يمنع الحوثيين من مواصلة هجماتهم وتعزيز نفوذهم.
الحرب المستقبلية: البحر الأحمر كنموذج جديد
اعتبر هولمز أن الصراع في البحر الأحمر بمثابة اختبار جديد لقدرات الحرب الجوية والبحرية الحديثة.
رغم أن حملة ترامب قدمت نموذجاً أكثر هجومية من سياسة بايدن الدفاعية، إلا أن التاريخ يثبت أن القوة الجوية وحدها نادراً ما تحقق نصراً مستداماً.
هل تنجح حملة ترامب؟
يختتم هولمز مقاله بتقييم واقعي:
حملة ترامب الجوية نجحت في إبقاء الحوثيين تحت ضغط مستمر.
نهج بايدن الدفاعي قلل من الخسائر لكنه لم يردع الحوثيين بشكل فعال.
ورغم أن حملة ترامب تبدو أكثر تقدماً، إلا أنها لن تحقق نصراً حاسماً دون دمجها بعمليات برية وجهود دبلوماسية واقتصادية.
“الهجوم المستمر قد يضعف الحوثيين، لكنه لن يحقق السيطرة.. وتبقى الحرب في اليمن مفتوحة على احتمالات أكثر تعقيداً.”