
تتصاعد الأزمة السياسية في إسرائيل على خلفية الصراع بين الحكومة والقضاء، حيث تلوح النقابات بإضرابات شاملة قد تصيب الدولة بالشلل التام.
وفي ظل هذا التوتر، تبرز تساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل على أعتاب حرب أهلية كما يحذر بعض المراقبين، أم أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيتمكن من تجاوز العقبات القانونية والسياسية التي تعترض طريقه.
استهداف “حماة الديمقراطية” في إسرائيل
تتركز معركة حكومة نتنياهو حالياً ضد ثلاثة أطراف رئيسيين يُنظر إليهم في الإعلام الإسرائيلي باعتبارهم “حماة الديمقراطية الإسرائيلية الهشة”: رئيس الشاباك، المستشارة القانونية للحكومة، وقضاة المحكمة العليا.
ويواجه نتنياهو انتقادات حادة بعد قراره بإقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، رونين بار، في خطوة أثارت قلق القضاء، خصوصاً مع تهديداته بإقالة المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهرب ميارا، التي حذرته من المساس برئيس الشاباك في ظل تحقيقات جارية حول تلقي مقربين منه أموالاً قطرية.
نتنياهو في مواجهة القضاء
يحاول نتنياهو تمرير قانونين يمكنان حكومته من التأثير المباشر على القضاء، أحدهما يغير آلية انتخاب القضاة والآخر يتعلق بالشكاوى ضدهم، مما يسمح له بالضغط على القضاة الذين لا يرغب في بقائهم في مناصبهم.
ويرى محللون قانونيون أن توجهه لإقالة رئيس الشاباك والمستشارة القضائية يمثل تهديداً خطيراً لاستقلالية المؤسسات الديمقراطية في إسرائيل. وبالفعل، أوقفت المحكمة العليا قرار إقالة بار، ما وضع نتنياهو في موقف صعب قد يؤدي إلى أزمة دستورية غير مسبوقة إذا أصر على تنفيذ قراراته.
حرب داخلية وانقسامات سياسية
في ردود الفعل على قرارات نتنياهو، هاجمه زعيم المعارضة بيني غانتس قائلاً: “مناحيم بيغن يتقلب في قبره وهو يراك تجر إسرائيل إلى الانقسام والتحريض وتقويض سيادة القانون. بيغن لم يكتفِ بالقول إنه لن تكون هناك حرب أهلية، بل بذل كل جهده لمنعها”.
أما وزير الدفاع الأسبق وزعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان، فقد وصف نتنياهو بأنه “رئيس وزراء السابع من أكتوبر”، مشيراً إلى أنه يشكل خطراً على أمن إسرائيل، خصوصاً مع تعرضها لهجمات صاروخية متزامنة من غزة واليمن ولبنان.
نتنياهو ومواجهة رجال الأعمال والنقابات
في تطور آخر، دخل قطاع الأعمال بقوة على خط الأزمة، حيث أعلن منتدى الأعمال الإسرائيلي، الذي يضم قادة أكبر 200 شركة في البلاد، أنه سيغلق الاقتصاد بالكامل إذا لم تلتزم الحكومة بقرار المحكمة العليا بوقف إقالة رئيس الشاباك. وجاء في بيان المنتدى: “الحكومة تجر إسرائيل إلى أزمة دستورية، وإذا لم تحترم قرارات المحكمة، سندعو الجمهور الإسرائيلي إلى العصيان المدني وسنشلّ الاقتصاد”.
كما أصدر منتدى “الديمقراطية”، الذي يضم كبرى شركات التكنولوجيا الإسرائيلية، بياناً مشابهاً حذر فيه من أن سياسات الحكومة ستدفع المستثمرين الأجانب إلى الفرار، مما قد يحول إسرائيل إلى “دولة من دول العالم الثالث”.
إضراب شامل يهدد الدولة
بدوره، أصدر أرنون بار دافيد، رئيس اتحاد عمال الهستدروت، بياناً حاد اللهجة، قال فيه:
“نحن على شفا فوضى ترعاها الحكومة، ولن أساهم في تدمير المجتمع الإسرائيلي”.
في الوقت ذاته، تناقلت وسائل إعلام إسرائيلية أن الحكومة تدرس فرض قيود على الاحتجاجات العامة، مما قد يؤدي إلى تصعيد الموقف أكثر.
هل تتجه إسرائيل إلى حرب أهلية؟
مع اشتداد الأزمة، حذر القاضي المتقاعد في المحكمة العليا، أهارون باراك، من أن سياسات نتنياهو قد تقود البلاد إلى حرب أهلية، مشيراً إلى أن تحركات الحكومة تهدد استقرار النظام السياسي برمته.
ورداً على هذه التحذيرات، كتب نتنياهو على منصة “إكس”: لن تكون هناك حرب أهلية! إسرائيل دولة قانون، والحكومة هي صاحبة القرار الوحيد في تعيين رئيس الشاباك”.
لكن مع تصاعد المعارضة الداخلية من القضاء، رجال الأعمال، والنقابات العمالية، يبدو أن الأزمة مرشحة للتفاقم. فهل ينجح نتنياهو في فرض إرادته على الدولة العبرية؟ أم أن موجة الغضب المتصاعدة ستؤدي إلى أزمة أعمق قد تعصف بمستقبله السياسي؟