
في تحول جديد ضمن الصراع في البحر الأحمر، شنت الولايات المتحدة ضربات عسكرية مكثفة ضد مواقع استراتيجية للحوثيين في اليمن، في محاولة لوضع حد للتهديدات المتزايدة للملاحة البحرية.
هذه المرة، تبدو الضربات مختلفة من حيث الأهداف والتكتيكات، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتبع نهجًا مغايرًا عن الإدارات السابقة، وهو ما تحاول قناة الحرة الإجابة عليه.
أهداف جديدة ونهج أكثر شدة
بحسب مسؤولين أميركيين، فإن الضربات الأخيرة لم تكن مجرد رد محدود، بل جزء من حملة أوسع تهدف إلى إضعاف القدرات القيادية للحوثيين وتحميل إيران المسؤولية المباشرة عن دعمهم.
وزير الخزانة الأميركي، سكوت بسنت، أوضح في مقابلة مع شبكة “NBC” أن الرئيس ترامب أراد أن يبعث رسالة “قوية ومختلفة عن الإدارة السابقة”، مؤكدًا أن هذه الضربات “ليست سوى البداية”.
وأشار إلى أن الهدف الأساسي هو كبح النفوذ الإيراني والحوثي على الملاحة العالمية، حيث إن “إعاقة قناة السويس وإحداث اضطرابات في حركة الشحن العالمية يؤديان إلى زيادة التضخم وتأثيرات اقتصادية سلبية على الولايات المتحدة وحلفائها“.
من جانبه، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، في مقابلة مع “ABC” أن الضربات الأخيرة كانت مختلفة عن تلك التي شنتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن، حيث استهدفت بشكل مباشر قادة حوثيين بارزين.
لماذا التصعيد الآن؟
يرى محللون أن التصعيد الأميركي الأخير يعكس استراتيجية جديدة تعتمد على إعادة فرض سياسة “الضغط الأقصى” على إيران، بعد أن كانت إدارة بايدن قد خففت بعض العقوبات عليها، مما سمح لها بتصدير ما يقارب 1.5 مليون برميل من النفط يوميًا.
لكن وفقًا للإدارة الحالية، فإن الهدف الآن هو إيقاف صادرات النفط الإيرانية بالكامل، مما سيؤثر بشكل مباشر على تمويل الجماعات المدعومة من طهران، وعلى رأسها الحوثيون.
ووفقًا لمايك والتز، فإن إيران لم تكتفِ بدعم الحوثيين ماديًا، بل قامت بتدريبهم على استهداف السفن الحربية الأميركية وتهديد حركة الملاحة العالمية، مما اضطر أكثر من 70% من السفن التجارية إلى اتخاذ مسارات بديلة، وهو ما أدى إلى زيادة تكاليف الشحن وتعطيل الاقتصاد العالمي.
هل نحن أمام مواجهة مباشرة مع إيران؟
رغم أن الضربات الأميركية تركز حاليًا على الحوثيين، إلا أن الرسائل الموجهة لإيران واضحة. فالرئيس ترامب شدد مرارًا على أن “إيران لا يمكنها امتلاك سلاح نووي”، مؤكدًا أن جميع الخيارات مطروحة لمنعها من ذلك، بما في ذلك إجراءات عسكرية مباشرة.
لكن السؤال المطروح الآن: هل ستؤدي هذه الضربات إلى ردود فعل إيرانية مباشرة، أم أن طهران ستتجنب التصعيد العلني وتواصل دعم الحوثيين بأساليب غير مباشرة؟
هل نشهد تحولًا استراتيجيًا؟
يبدو أن الولايات المتحدة دخلت مرحلة جديدة من المواجهة مع إيران عبر بوابة الحوثيين.
فإذا استمرت العمليات العسكرية لأسابيع كما صرح المسؤولون الأميركيون، فإنها قد تؤدي إلى تغيير قواعد اللعبة في اليمن والمنطقة ككل.
لكن يبقى التحدي الحقيقي هو: إلى أي مدى يمكن لهذه الضربات أن تؤثر فعليًا على القدرات العسكرية للحوثيين؟ وهل ستدفع إيران إلى تعديل استراتيجيتها في اليمن أم أنها ستضاعف دعمها للحركة؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.