إسرائيل وحماس: العودة إلى الحرب حتمية؟

مع تعثر المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس بشأن إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، تتزايد المؤشرات على اقتراب جولة جديدة من التصعيد العسكري. فبينما تهدد إسرائيل بفرض عقوبات تدريجية وصولًا إلى استئناف الحرب، يبدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف موقفًا متشددًا، مؤكدين أن الحل العسكري قد يكون الخيار الوحيد إذا لم تمتثل حماس لمطالب تل أبيب.
خطط تصعيدية إسرائيلية.. والعودة للحرب خيار قائم
ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، في تقرير للكاتبين دوف ليبر وآنات بيليد، أن إسرائيل أعدّت سلسلة من الإجراءات التصعيدية للضغط على حماس، بعد فشل تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر سبعة أسابيع. تشمل هذه الإجراءات وقف دخول السلع والمساعدات إلى غزة، وهي خطوة بدأت بالفعل الأسبوع الماضي، على أن يتبعها قطع إمدادات الكهرباء والمياه، وفقًا لما أعلنه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش.
وفي حال لم تُحقق هذه الإجراءات أهدافها، فإن إسرائيل قد تلجأ إلى تنفيذ غارات جوية مركزة وعمليات مداهمة محدودة ضد مواقع لحماس، وذلك قبل الانتقال إلى سيناريو أكثر خطورة يتمثل في إعادة تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين شمال القطاع، وفقًا لما كشفه محلل أمني إسرائيلي مطلع.
حرب أشد وأوسع نطاقًا
استنادًا إلى مصادر مطلعة على الخطط الإسرائيلية، فإن التصعيد المقبل قد يشهد استخدامًا لقوة عسكرية أكبر مما تم زجه في الحرب المستمرة منذ 16 شهرًا، مع نية لاحتلال فعلي لبعض المناطق أثناء استهداف بقايا التنظيم العسكري لحماس.
في هذا السياق، يرى مايكل ماكوفسكي، المسؤول السابق في البنتاغون ورئيس المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي، أن الحرب الجديدة على غزة أصبحت أمرًا لا مفر منه، ويقول: “هناك تصميم على العودة والقضاء على حماس مهما كان الثمن. وأعتقد أن إسرائيل ستنفذ ذلك بقوة وحزم.”
تعثر المفاوضات.. نقطة اللاعودة؟
تتزامن الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية مع تعقّد المفاوضات، إذ يتمسك الطرفان بمواقف متناقضة تعيق الوصول إلى اتفاق جديد. تطالب إسرائيل بالإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس، بينما تصرّ الحركة على وقف دائم لإطلاق النار كشرط أساسي لتنفيذ ذلك، وهو ما ترفضه تل أبيب بشكل قاطع.
علاوة على ذلك، تطالب إسرائيل حماس بالتخلي عن الحكم ونزع سلاحها، وهو أمر ترفضه الحركة تمامًا، ما يزيد من تعقيد الأزمة ويدفع نحو التصعيد.
ترامب يفقد صبره.. وواشنطن تلوّح بتدخل مباشر
على الجانب الأمريكي، أظهر دونالد ترامب موقفًا أكثر صرامة تجاه حماس، حيث وجّه تهديدًا مباشرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قائلًا: “إذا لم تطلقوا سراح جميع الرهائن فورًا، فإنكم ميتون!”
بعد هذا التحذير بيوم واحد، اقترح ترامب ومبعوثه ويتكوف اتخاذ إجراء مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل ضد الحركة.
الجيش الإسرائيلي.. جاهزية للحرب بأفضل حالاتها
يؤكد محللون عسكريون أن إسرائيل في وضع أفضل لخوض معركة جديدة مقارنة ببداية الحرب. فقد نجحت في إعادة ملء مخزونها من الذخائر، وتراجع الضغط الأمريكي عليها بعد انتهاء ولاية بايدن، كما أن الحدود الشمالية باتت أكثر استقرارًا بعد فرض تهدئة على حزب الله.
يضيف المحلل الأمني المطلع على التخطيط الإسرائيلي، أن المرحلة الأولى من التصعيد قد تستغرق شهرين، يتم خلالهما تعبئة القوات استعدادًا لغزو أوسع يتطلب عددًا كافيًا من الجنود للسيطرة على الأرض.
بدوره، يرى ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، أنه لا يمكن القضاء على حماس دون احتلال غزة، مشيرًا إلى أن العملية قد تستغرق من ستة أشهر إلى عام كامل حتى تحقق أهدافها.
حماس بين الضغوط العسكرية والرهانات السياسية
في المقابل، ترى تهاني مصطفى، المحللة الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية، أن حماس، رغم ما تكبدته من خسائر فادحة، لا تزال قادرة على الصمود، ومن المحتمل أن تنجو من جولة أخرى من القتال.
يبدو أن سيناريو العودة إلى الحرب بات أقرب من أي وقت مضى، في ظل تصلّب مواقف الطرفين، واستعداد إسرائيل لشن هجوم أكثر عنفًا واتساعًا، بينما تراهن حماس على قدرتها على البقاء رغم الضغوط العسكرية والسياسية الهائلة.