
يتصدر ملف سلاح حزب الله المشهد السياسي اللبناني في ظل تصاعد المطالب المحلية والدولية بضرورة استعادة الدولة احتكارها الحصري للقوة العسكرية، بعد سنوات من تفريط السلطات اللبنانية بهذا الحق، ما أدى إلى تصنيف لبنان كدولة فاشلة من قبل قوى إقليمية ودولية.
فيما يؤكد رئيسا الجمهورية والحكومة على ضرورة حصر السلاح بالمؤسسات الشرعية، تتعالى الأصوات اللبنانية والدولية المطالبة بتطبيق القرارات الأممية، وعلى رأسها القرار 1559، الذي ينص صراحة على نزع سلاح كافة الفصائل المسلحة.
وترى هذه الجهات أن سلاح حزب الله لم يجلب للبنان سوى الدمار، محملين إياه مسؤولية زعزعة استقرار الدولة وإضعاف مؤسساتها.
“قناة الحرة” سلطت الضوء على تصاعد أزمة سلاح الحزب خارج الشرعية، وتداعياتها المحتملة على المسار السياسي للدولة اللبنانية.
حزب الله والمراوغة السياسية:
يتمسك حزب الله بترسانته العسكرية، معتمدًا على تفسير انتقائي للقرارات الدولية، إذ يركز على القرار 1701 الذي ينص على نزع سلاحه جنوب الليطاني، متجاهلًا القرار 1559 الذي يدعو لنزع سلاح كافة الفصائل المسلحة على امتداد الأراضي اللبنانية.
هذا التعنت يعمّق الانقسام الداخلي، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية والعربية التي تربط أي دعم اقتصادي للبنان بقدرة الدولة على بسط سلطتها وإنهاء السلاح الخارج عن إطار الشرعية.
الموقف الدولي: ضغوط متزايدة
وجاء البيان المشترك بين لبنان والسعودية عقب زيارة الرئيس اللبناني، جوزاف عون، إلى الرياض ليؤكد على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة.
كما شهدت الساحة السياسية تطورًا لافتًا مع استبعاد الحكومة الجديدة برئاسة نواف سلام بند “المقاومة” من بيانها الوزاري، بعدما كانت معادلة “الجيش، الشعب، المقاومة” حجر الأساس في بيانات الحكومات السابقة.
سيناريوهات الحل: الخيارات المتاحة
وفقًا للخبير السياسي إلياس الزغبي، فإن الحلول المطروحة لحسم ملف سلاح حزب الله تتلخص في ثلاثة سيناريوهات:
- التسوية السياسية: يتم من خلالها الاتفاق على استراتيجية دفاعية وطنية تضمن انتقال سلاح الحزب إلى الدولة تدريجيًا، في إطار تفاهم شامل.
- المراوغة والتأجيل: وهو خيار غير مقبول دوليًا وداخليًا، حيث يتم تأخير الحسم بانتظار تطورات إقليمية قد تسمح بإعادة تموضع الحزب.
- الاشتراط بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي: إذ يربط الحزب مسألة سلاحه باستمرار احتلال إسرائيل لبعض التلال الحدودية.
الضغوط الاقتصادية: أداة لإضعاف الحزب؟
على صعيد آخر؛ تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها على تضييق الخناق المالي على الحزب، بدءًا من فرض عقوبات على مصادر تمويله، وصولًا إلى مصادرة أموال تُرسل إليه من إيران.
وتشير تقارير إلى ضبط مبلغ 2.5 مليون دولار كان في طريقه إلى الحزب عبر تركيا، في خطوة تعكس استراتيجية مستمرة لتجفيف موارده.
وبينما تتزايد الضغوط على حزب الله داخليًا وخارجيًا، يواجه لبنان تحديًا مصيريًا: فإما أن يتمكن من استعادة سيادته الكاملة عبر إنهاء السلاح الخارج عن الشرعية، أو يظل رهينة أزمات سياسية وأمنية مفتوحة، قد تؤدي في نهاية المطاف إلى مواجهة غير محسوبة العواقب.
ويبقى السؤال الأبرز: هل ينجح لبنان في فرض سلطته، أم يستمر في دوامة التنازلات؟