Podcast Icon
سياسة

توغلات إسرائيلية في سوريا: بين المخاوف القروية والتبريرات الأمنية

تعيش القرى السورية القريبة من الحدود مع إسرائيل حالة من القلق والخوف مع استمرار التوغلات العسكرية الإسرائيلية، وسط مخاوف من تحولها إلى احتلال طويل الأمد، بينما تبرر إسرائيل هذه العمليات بحماية أمنها القومي.

اجتياحات مفاجئة وقلق متصاعد

في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية وأعده الصحافي رجا عبدالرحيم، نُقل عن رويدا العقّار، إحدى سكان قرية السويسة جنوب شرق سوريا، تفاصيل اللحظات المرعبة التي عاشتها مع أسرتها عند سماع أصوات الدبابات والجرافات العسكرية الإسرائيلية تقترب من منزلهم في ديسمبر الماضي.

تقول العقّار: “كنا نائمين بجوار ابنتنا ذات الثلاثة أعوام، عندما أيقظتنا الأصوات. هرعنا إلى الخارج لنجد عشرات الجنود الإسرائيليين يتقدمون في قريتنا الصغيرة”. وتضيف أن الخوف الأكبر كان من التهجير وإجبارهم على مغادرة منازلهم.

امتداد العمليات العسكرية الإسرائيلية

على مدار الأسابيع التالية، استمرت عمليات التوغل الإسرائيلي في المناطق الحدودية، مما أثار مخاوف القرويين من أن تصبح هذه التوغلات احتلالًا دائمًا. وتشير التقارير إلى أن الجيش الإسرائيلي ركز عملياته على القرى التي تضم مواقع عسكرية سابقة، حيث قام بهدم بعض المنشآت التي تركتها القوات السورية بعد انسحابها، وطالب السكان بتسليم أي أسلحة قد تكون بحوزتهم.

وتعتمد هذه المعلومات على شهادات أكثر من عشرة من سكان السويسة وقرية الدويحة الكبيرة المجاورة، إضافة إلى صور وثقها الأهالي عبر هواتفهم المحمولة.

تبدد الاحتفالات بالخلاص من الأسد

في الوقت الذي احتفل فيه العديد من السوريين بسقوط نظام بشار الأسد، سرعان ما تحولت فرحة سكان القرى الحدودية إلى قلق وخوف بسبب التحركات العسكرية الإسرائيلية. فهذه المناطق تقع بالقرب من مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وضمّتها لاحقًا في خطوة لم تحظَ باعتراف دولي واسع.

تقول العقّار: “لقد أفسدوا فرحتنا”، معبرة عن مخاوفها من أن تواجه قريتهم مصيرًا مماثلًا للمناطق التي شهدت توغلات إسرائيلية مستمرة.

منطقة عازلة وسيطرة عسكرية

خلال الأشهر الماضية، فرضت إسرائيل سيطرتها على منطقة عازلة منزوعة السلاح في مرتفعات الجولان، إضافة إلى أراضٍ في جنوب غرب سوريا، بما في ذلك جبل الشيخ، الذي يعد أعلى نقطة في البلاد. كما نفذت مئات الغارات الجوية، مستهدفة منشآت عسكرية سورية، منها دبابات ومصانع أسلحة ومنظومات دفاع جوي، وفقًا لمجموعات المراقبة السورية.

ويبرر الجيش الإسرائيلي هذه العمليات بأنها ضرورية لحماية حدوده، خصوصًا مع المخاوف من أن يؤدي سقوط نظام الأسد إلى فراغ أمني في المنطقة.

هدم القواعد وفرض السيطرة

وفقًا لمنظمة “إيتانا” السورية، تواصل القوات الإسرائيلية التقدم داخل الأراضي السورية باستخدام الجرافات والمركبات المدرعة. وفي إحدى الغارات الجوية، استهدفت إسرائيل قافلة حكومية سورية، ما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل، بينهم رئيس بلدية.

كما داهم الإسرائيليون قواعد عسكرية سورية سابقة في محافظتي القنيطرة ودرعا، حيث قاموا بهدم منشآت والاستيلاء على أراضٍ، وأجبروا السكان على تسليم أي أسلحة بحوزتهم.

ردود فعل دولية واستنكار سوري

لقيت التوغلات الإسرائيلية إدانات واسعة، حيث أكدت الأمم المتحدة ضرورة استعادة سيادة سوريا ووحدة أراضيها. كما وصف الرئيس السوري أحمد الشرع هذه العمليات بأنها انتهاك لاتفاقية الهدنة الموقعة عام 1974.

مواجهة مباشرة مع القرويين

يقول شادي المليحان، وهو صحافي من سكان السويسة، إنه كان من بين الذين حاولوا التصدي للقوات الإسرائيلية خلال دخولها إلى قريته. فيما يروي بدر القريات، زوج العقّار، أن الجنود الإسرائيليين طالبوا السكان بالإعلان عبر مكبرات الصوت في المسجد عن تسليم جميع الأسلحة، مضيفًا: “قلنا لهم إننا مزارعون ولا نملك أسلحة”.

أما خالد العقال، البالغ من العمر 17 عامًا، فيتحدث عن تعرضه لإصابة بالرصاص خلال مواجهة مع القوات الإسرائيلية في قرية الدويحة الكبيرة أواخر ديسمبر. ويقول: “لم نكن نحمل أي أسلحة، ومع ذلك بدأوا بإطلاق النار علينا”.

ترقب لما هو قادم

رغم انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض القرى، لا يزال القرويون قلقين مما قد يحدث لاحقًا، خاصة أنهم يشاهدون الجنود الإسرائيليين يتمركزون على القمم الجبلية القريبة التي سيطروا عليها خلال العمليات الأخيرة.

ومع استمرار التوغلات والتصعيد العسكري، يبقى المستقبل غامضًا لسكان هذه القرى، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التحركات مجرد عمليات أمنية مؤقتة أم مقدمة لاحتلال طويل الأمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى