تصاعد التهديدات الحوثية: هل يتجه الجنوب اليمني نحو مواجهة جديدة؟

توقع موقع “ستراتفور” الأمريكي أن تشنَّ جماعة الحوثي عمليات عسكرية جديدة تستهدف المناطق الجنوبية الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية، بما في ذلك العاصمة المؤقتة عدن ومحافظة مأرب الغنية بالنفط. جاء هذا التحذير في سياق تحليل الموقع للتطورات العسكرية والسياسية التي شهدها اليمن مؤخرًا، خاصة بعد تدخل الحوثيين في الحرب بين إسرائيل وحماس.
تأثير التدخل الحوثي في الصراع الإقليمي
وفقًا للتقرير، فإن تدخل الجماعة في النزاع الإقليمي الأخير قد عزَّز قدراتها العسكرية ووسَّع نفوذها السياسي في شمال اليمن. وأوضح الموقع أن هذه القوة المتزايدة قد تمهِّد الطريق أمام هجمات جديدة على الجنوب، مما يشكِّل تهديدًا مباشرًا للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا ويزيد من احتمال تصاعد الاضطرابات في المنطقة.
تعاظم القوة والنفوذ الحوثي
أشار التقرير إلى أن الحوثيين استفادوا بشكل كبير من دخولهم الحرب في نوفمبر 2023، حيث شنوا هجمات ضد الملاحة في البحر الأحمر وأطلقوا صواريخ وطائرات مسيرة باتجاه إسرائيل. كما لاحظ الموقع أن الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع الحوثيين أججت المشاعر المؤيدة لهم داخل اليمن، خصوصًا بعد استهداف البنية التحتية المدنية مثل محطات توليد الكهرباء.
هذه الديناميكية ساهمت في تعزيز الرواية الشعبية التي ترى في الحوثيين “مقاومين” لإسرائيل، مما رفع من شعبيتهم ودفع المزيد من المقاتلين للانضمام إلى صفوفهم. وأكد التقرير أن استمرار الحوثيين في استغلال المواجهة مع إسرائيل والغرب سيمنحهم فرصة لتعزيز وجودهم العسكري والسياسي.
الاستراتيجية المستقبلية للحوثيين
توقع التقرير أن يركز الحوثيون على حملاتهم في البحر الأحمر وشن ضربات متقطعة ضد إسرائيل، مستخدمين استمرار الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة كمبرر سياسي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى ردود فعل إسرائيلية مضادة، والتي قد تعزز بدورها فرص تجنيد الحوثيين للمزيد من المقاتلين.
من جهة أخرى، يعتقد الموقع أن الحوثيين قد يستأنفون هجماتهم على خطوط المواجهة في الداخل اليمني، لا سيما حول مأرب والمواقع الأخرى ذات الأهمية الاستراتيجية. إذا حققوا تقدمًا ملحوظًا، فقد يسعون لشن هجمات أكبر على المدن الجنوبية مثل تعز وعدن، بهدف تعزيز موقفهم التفاوضي في محادثات السلام مع السعودية.
السيناريوهات المستقبلية للصراع
وفقًا للتقرير، فإن تحقيق الحوثيين لاختراقات كبيرة على الأرض قد يمنحهم نفوذًا كبيرًا في المفاوضات مع الحكومة اليمنية والسعودية. وقد يؤدي هذا إلى تقديم الحكومة تنازلات كبيرة أو حتى انهيار تحالفها المناهض للحوثيين. وفي حال تمكن الحوثيون من السيطرة على مدينة مثل مأرب أو تعز، فمن المرجح أن تضغط الحكومة لتقديم تنازلات إضافية.
لكن التقرير يشير إلى أن هذه التنازلات قد لا تكون كافية لإنهاء الهجمات الحوثية إذا استمروا في تحقيق زخم عسكري. وبدون تدخل أمريكي أو بريطاني أو إسرائيلي أكثر حزمًا، قد يواصل الحوثيون توسعهم جنوبًا، مما قد يؤدي إلى تقسيم البلاد إلى شمال يسيطر عليه الحوثيون وجنوب يتسم بالتفتت السياسي.
هل يستطيع الحوثيون السيطرة الكاملة على اليمن؟
على الرغم من قدرة الحوثيين المحتملة على السيطرة على المدن الكبرى مثل عدن، يرى التقرير أن سيطرتهم الكاملة على اليمن غير مرجحة بسبب القيود اللوجستية والديموغرافية. ومع ذلك، فإن السيناريو الأكثر تطرفًا قد يؤدي إلى انقسام دائم بين الشمال والجنوب، حيث يصبح الحوثيون الحكام الفعليين لمعظم المناطق الشمالية.
هل نحن أمام تصعيد جديد؟
يحذر التقرير من أن استمرار النزاع قد يؤدي إلى تصعيد خطير في الصراع اليمني، مع احتمال تفاقم الانقسامات الداخلية وتعقيد الجهود الدولية الرامية لإيجاد حل سياسي شامل. وفي ظل عدم وجود حل واضح في الأفق، تبقى الأوضاع في اليمن مفتوحة على جميع الاحتمالات، مما يجعل مراقبة التحركات الحوثية في الفترة المقبلة أمرًا ضروريًا لفهم مستقبل المشهد اليمني.