Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

لبنان بعد وقف إطلاق النار: تحديات مرحلة ما بعد النزاع

واشنطن – معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى

مع استمرار حالة التوتر السياسي والأمني في لبنان، تبرز تساؤلات حول مستقبل البلاد في ظل اتفاق وقف إطلاق النار القائم، ومدى قدرة المؤسسات الرسمية على فرض سيادتها ومواجهة التحديات الأمنية.

وفي هذا السياق، عقد معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى منتدى سياسياً افتراضياً، استضاف خلاله عدداً من الخبراء العسكريين والمحللين لمناقشة المرحلة المقبلة في لبنان.

التحديات الأمنية ودور الجيش اللبناني

أكد فادي داوود، القائد السابق في القوات المسلحة اللبنانية، أن الجيش اللبناني نشر 1500 جندي إضافي على الحدود الجنوبية لتعزيز قواته هناك، بالتنسيق مع القيادة المركزية الأمريكية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).

كما نفّذ الجيش مداهمات لمواقع تابعة لـ”حزب الله”، وصادر مخابئ للأسلحة، في خطوة تهدف إلى تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701.

إلا أن داوود شدد على أن التحدي الأكبر لا يكمن فقط في القدرات العسكرية، بل في الإرادة السياسية، إذ تعاني السلطة التنفيذية من ضعف في اتخاذ قرارات حاسمة، فيما لا يزال الجيش بلا قائد دائم.

كما أشار إلى أن التأخير الإسرائيلي في سحب قواته من بعض المناطق قد يدفع “حزب الله” إلى رفض نزع سلاحه، ما يزيد من تعقيد المشهد الأمني.

الإصلاحات السياسية والرهانات المستقبلية

من جانبه، رأى مكرم رباح، الأستاذ المساعد في الجامعة الأميركية في بيروت، أن لبنان يقف عند مفترق طرق حاسم مع اقتراب انتهاء مهلة وقف إطلاق النار.

وأشار إلى أن الحكومة الحالية تباطأت في تنفيذ الإصلاحات الضرورية، سواء على المستوى القضائي أو العسكري، ما يعيق مسار الاستقرار.

وأكد رباح أن فرض المساءلة، لا سيما في قضية انفجار مرفأ بيروت، يمثل خطوة محورية في استعادة ثقة اللبنانيين بالمؤسسات. كما دعا إلى اتخاذ إجراءات قانونية ضد الشخصيات التي تدعم خطاب “حزب الله”، والعمل على إعادة تفعيل الانتخابات البلدية والنيابية، بهدف إفساح المجال أمام الأصوات الإصلاحية داخل الطائفة الشيعية.

وجهة النظر الإسرائيلية: الأمن أولاً

من الجانب الإسرائيلي، أوضح إفرايم ديفرين، الذي خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة ثلاثة عقود، أن تل أبيب تضع ثلاثة شروط أساسية لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في لبنان: التزام “حزب الله” بشروط الاتفاق، تنفيذ الجيش اللبناني لتعهداته بنشر قواته في الجنوب، وتأكيد سيادة الدولة اللبنانية على أراضيها.

وحذر ديفرين من استمرار الاحتجاجات في مطار بيروت كدليل على ضعف سيطرة الجيش اللبناني، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي ينبغي أن يفرض شروطاً صارمة على المساعدات العسكرية المقدمة للبنان، لضمان عدم استفادة “حزب الله” منها.

إعادة تقييم دور (اليونيفيل)

بدوره، شدد أساف أوريون، الزميل الباحث في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، على ضرورة إعادة هيكلة دور (اليونيفيل)، مشيراً إلى أن فعاليتها في حفظ السلام تثير تساؤلات عدة.

وأضاف أن إسرائيل ملتزمة بحماية أمنها، لكنها في الوقت ذاته منفتحة على التوصل إلى حل دائم لمسألة الحدود، بشرط تحقيق تقدم أمني ملموس.

وأشار أوريون إلى أن مستقبل لبنان يعتمد على قدرة حكومته على اتخاذ قرارات حاسمة، بما في ذلك توجيه الجيش لضبط الوضع الأمني، والعمل على الحد من نفوذ “حزب الله”.

كما أكد أن المجتمع الدولي يجب أن يفرض عقوبات على الشخصيات الداعمة للحزب، لضمان تفكيك بنيته التحتية العسكرية والمالية.

مع دخول لبنان مرحلة جديدة، تبدو الخيارات المطروحة أمامه معقدة، إذ يتطلب تحقيق الاستقرار تضافر الجهود الداخلية والدولية. وفيما يشكل وقف إطلاق النار الحالي خطوة مهمة، فإن التحول نحو سلام دائم يظل رهناً بقدرة السلطات اللبنانية على فرض سيادتها، وتنفيذ الإصلاحات الضرورية لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية التي تواجهها البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى