Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

اللاجئون السوريون في تركيا بين مطرقة البقاء وسندان المغادرة

بعد سقوط حكم بشار الأسد في ديسمبر، عاد أكثر من خمسين ألف سوري من تركيا إلى سوريا، فيما تواصل تركيا استضافة نحو 2.9 مليون لاجئ سوري. ورغم ذلك، يعرب الكثير منهم عن مخاوفهم من العودة إلى بلدهم بسبب انعدام الاستقرار والأمان.
في ضاحية ألتنداغ بالعاصمة أنقرة، حيث يقطن العديد من اللاجئين السوريين، تعيش راضية محرابي، أم لثلاثة أطفال بينهم رضيع، وترى أن العودة إلى سوريا ليست خيارًا في الوقت الراهن. تقول راضية: “كل شيء غير مؤكد. زوجي كان يعمل في متجر عائلتنا للأحذية في حلب، لكن المتجر دُمّر، ولا نعلم شيئًا عن فرص العمل أو المدارس للأطفال هناك.”
حياة صعبة في تركيا
رغم صعوبة الحياة في تركيا بسبب التمييز الذي يتعرض له السوريون، وأحيانًا الهجمات، إلا أن كثيرين منهم لا يزالون يرون البقاء خيارًا أفضل من العودة. في أغسطس/آب 2021، شهدت منطقة ألتنداغ أعمال عنف استهدفت متاجر ومنازل السوريين. يتذكر باسل أحمد، مصلح دراجات نارية، الهجوم على منزله قائلًا: “طفلاي شعرا بالخوف الشديد عندما تحطمت نوافذ منزلنا. ورغم كل شيء، ليس لدينا شيء في حلب. هنا، لدينا حياة ولو كانت مليئة بالصعوبات.”
معضلة العودة: سوريا لم تعد كما كانت
يشير الباحث في شؤون الهجرة، مراد إردوغان، إلى أن سقوط نظام الأسد لم يحل مشكلات السوريين. يقول: “سوريا التي غادروها لم تعد نفسها. لا أحد يستطيع التنبؤ بمستقبل الإدارة السورية الجديدة، ولا مدى تطور المواجهات على الحدود التركية.”
يُضاف إلى ذلك، الدمار الذي طال المدن السورية والبنية التحتية، حيث يستمر انقطاع الكهرباء والخدمات الأساسية، مما يجعل العودة خيارًا محفوفًا بالمخاطر.
الجيل الجديد: بين واقع تركيا وذكريات سوريا
بالنسبة للشباب السوريين الذين نشأوا في تركيا، يصبح خيار العودة أكثر تعقيدًا. رهسه مهروز، شابة تبلغ من العمر 16 عامًا، تقول بأسى: “كل ذكرياتي وعاداتي هنا. لا يوجد شيء في حلب. عائلتي قررت العودة، لكنني لا أريد المغادرة.”
يشير إبراهيم فورغن كافلاك، مدير جمعية التنمية الاجتماعية، إلى أن “1.7 مليون من اللاجئين السوريين في تركيا دون سن الثامنة عشرة، والكثير منهم لا يملكون روابط عاطفية أو اجتماعية بسوريا. أفكارهم عن بلدهم تشكلت من روايات عائلاتهم فقط.”
علاوة على ذلك، هناك 816 ألف طفل سوري يتلقون تعليمهم باللغة التركية، مما يزيد من تعقيد مسألة العودة.
تحديات اقتصادية في تركيا
يثير احتمال مغادرة السوريين قلقًا في القطاعات التي يعملون بها، مثل النسيج والبناء، حيث يشكلون قوة عاملة رخيصة غالبًا تعمل في ظروف غير قانونية. لكن مراد إردوغان يرى أن مغادرتهم قد تكون فرصة لإصلاح نموذج العمل التركي، قائلًا: “لا يمكننا الاستمرار في استغلال هذه القوى العاملة. الإصلاح سيكون مفيدًا لتركيا على المدى الطويل.”
وخلال زيارتها الأخيرة إلى تركيا، أكدت المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات، حجة لحبيب، أن “الوضع غير مستقر ومليء بعدم اليقين.” وأعلنت عن تقديم مساعدات بقيمة 235 مليون يورو للاجئين السوريين في تركيا والدول المجاورة، مشددة على ضرورة فهم احتياجاتهم وتلبية تطلعاتهم.
بين العودة والبقاء: معضلة مستمرة
تظل خيارات اللاجئين السوريين في تركيا محدودة، بين صعوبة البقاء في بلد يواجههم بتحديات يومية، وخطر العودة إلى وطن دُمّر بفعل سنوات الحرب. وبين هذا وذاك، يبرز جيل جديد من السوريين الذي تربّى ونشأ في تركيا، ما يزيد من تعقيد حل هذه الأزمة الإنسانية الممتدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى