هدنة هشة في غزة: بين نوايا إسرائيل وأهداف حماس

وصفت مجلة “فورين بوليسي” وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل وحماس بأنه اتفاق يفتقر إلى الجدية، مع مؤشرات واضحة على احتمال استئناف الأعمال العدائية في المستقبل القريب. وأكدت المجلة في تحليل كتبه الباحث إتش إيه هيلير أن الاتفاق لا يمثل أكثر من استراحة مؤقتة في ظل وجود نوايا متضاربة بين الطرفين.
حماس بين العزلة والاحتجاجات الشعبية
يشير هيلير إلى أن حركة حماس اضطرت للموافقة على الهدنة بسبب عزلتها الدولية المتزايدة والغضب الشعبي في غزة نتيجة التداعيات الكارثية لهجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ورغم التزام الحركة المعلن بمراحل الاتفاق الثلاث، فإنها تواجه ضغوطاً كبيرة لإظهار قدرتها على تحقيق مكاسب سياسية وإنسانية لسكان غزة.
إسرائيل وخطط ما بعد الهدنة
على الجانب الإسرائيلي، يبرز التحليل موقفًا مختلفًا تمامًا، حيث لا يتضمن الاتفاق انسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من غزة، مما يعني استمرار الوضع كقوة احتلالية وفقاً لمحكمة العدل الدولية. وأوضح الكاتب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صرّح علناً بأن وقف إطلاق النار مؤقت، مؤكدًا أن الحرب ستُستأنف “بقوة هائلة” بعد إطلاق سراح الرهائن.
تصريحات تعزز الشكوك
أشار هيلير إلى تصريحات وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، التي أكدت حصوله على ضمانات من نتنياهو باستئناف الحرب بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق. ويعكس هذا التصريح نية إسرائيل “السيطرة الكاملة على غزة وجعلها غير صالحة للسكن”، بحسب الكاتب.
علاوة على ذلك، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو حصل على دعم من الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب والرئيس السابق جو بايدن لضمان استئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى. وتزامن ذلك مع تصريحات لرئيس أركان نتنياهو الذي أكد أن الاتفاق يسمح باستئناف القتال إذا لم تحقق المفاوضات أهداف الحرب الإسرائيلية.
الدعم الأمريكي لإسرائيل
يشير الكاتب إلى أن واشنطن لن تمارس ضغطًا حقيقيًا على إسرائيل للالتزام الكامل بالاتفاق، إذ أبدت إدارة ترامب، سابقاً، دعماً واسعاً للتحركات الإسرائيلية، بما في ذلك بناء المستوطنات. وأشار مسؤول أمريكي إلى خطة غامضة لإعادة توطين الفلسطينيين في إندونيسيا كجزء من إعادة الإعمار، وهي فكرة وصفها الكاتب بأنها غير قابلة للتنفيذ وتفتقر إلى الواقعية.
اضطرابات تتفاقم في الضفة الغربية
يرى هيلير أن الصراع في غزة ليس معزولاً عن الوضع الأوسع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع تصاعد التوترات في الضفة الغربية والقدس الشرقية. ولفت إلى قرار وزير الدفاع الإسرائيلي بإلغاء الاعتقالات الإدارية للمستوطنين المتورطين في هجمات ضد الفلسطينيين، مما يزيد من تعقيد المشهد ويغذي احتمالات مزيد من الاضطرابات.
إغلاق ملف الدولة الفلسطينية؟
اختتم هيلير مقاله بالتأكيد على أن مستقبل الاتفاق يعتمد بشكل كبير على دور الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل. وأضاف أن أي استبعاد لفكرة الدولة الفلسطينية أو توسيع المستوطنات قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الاستقرار الإقليمي، مؤكدًا أن هذه التطورات لن تقتصر على الأراضي الفلسطينية، بل ستشمل المنطقة بأكملها.
الاتفاق الحالي يواجه تحديات كبرى، ليس فقط بسبب نوايا الأطراف المختلفة، بل أيضًا بسبب غياب الدعم الدولي الفعّال. وبينما يسود الشك حول التزام إسرائيل بالهدنة، يظل الشعب الفلسطيني الأكثر تضرراً من هذا الوضع الذي يبدو بعيدًا عن الحلول المستدامة.