Podcast Icon
سياسة

السعودية في قلب التغيير.. دبلوماسية تنمية واستقرار وسط التحديات الإقليمية

شهدت المنطقة تحولات عميقة منذ اندلاع “طوفان الأقصى” وما تبعها من تداعيات إقليمية غير مسبوقة. هذه الأزمة فتحت الباب أمام تغيرات استراتيجية أعادت رسم ملامح النفوذ في الشرق الأوسط، حيث برزت السعودية كلاعب محوري يقود دفة الاستقرار والتنمية، بعيدا عن دوامة الصراع والاستقطاب.

السعودية بين الأزمات والمبادرات: نهج استراتيجي جديد
مع تصاعد التوترات الإقليمية، اتبعت السعودية سياسة جديدة تهدف إلى قيادة المنطقة نحو مرحلة من الاستقرار، تعتمد على التنمية الاقتصادية والتعاون الإقليمي. يقول يحيى العريضي، المحلل السياسي السوري، في حديثه إلى إندبندنت عربية: “السعودية اليوم تلعب دورا محوريا في دفع الحل السياسي في سوريا وإعادة تأسيس الدولة على أسس قانونية ومستدامة، بعيدا عن الاستبداد والفساد.”

هذا الدور ظهر جليا بعد سقوط نظام الأسد، حيث بادرت السعودية إلى دعم الإدارة الانتقالية الجديدة التي سيطرت على دمشق في ديسمبر 2024. وعلى هامش استقبال وفد الإدارة الانتقالية، أكد وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان أن بلاده مصممة على دعم استقرار سوريا، قائلا: “لقد عانى إخواننا في سوريا لسنوات، وآن الأوان أن تستقر البلاد وتستفيد من إمكانياتها الهائلة.”

في لبنان، قادت السعودية جهودا لإعادة الاستقرار السياسي عبر دعم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في خطوة وصفها وسام حداد في في صحيفة “الشرق الأوسط” بأنها “جزء من رؤية سعودية أوسع للاستقرار الإقليمي”، مؤكدا أن الدعم السعودي يرتبط بإصلاحات جوهرية تعيد الثقة بمؤسسات الدولة اللبنانية.

في العراق، تبنت السعودية استراتيجية “التنمية مقابل النفوذ”، التي تهدف إلى تعزيز الترابط الاقتصادي مع بغداد، والحد من النفوذ الإيراني المتصاعد. وقد ركزت هذه الاستراتيجية على دعم مشروعات الطاقة والبنية التحتية. وفقا لتقرير مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية (CSIS)، فإن “الرياض تسعى إلى تمكين العراق كدولة عربية مستقلة وقوية، بعيدا عن التأثيرات الخارجية.”

رؤية السعودية: تنمية تتجاوز الصراعات
تعكس السياسة الخارجية السعودية رؤية واضحة لاستثمار الموارد الإقليمية في تحقيق تنمية مستدامة تعود بالنفع على الأجيال القادمة. وقد لعبت مبادرات مثل “الشرق الأوسط الأخضر” دورا محوريا في تحقيق هذه الرؤية. ويرى مسؤول غربي أن “السعودية أظهرت قدرة فريدة على تحقيق التوازن بين القوى الكبرى دون المساس بمصالحها الأساسية”، مما جعلها محوريا في جهود الاستقرار الإقليمي.

التحديات المستمرة
رغم النجاحات الدبلوماسية، تواجه السعودية تحديات معقدة، أبرزها التوترات المرتبطة بالقضية الفلسطينية. ففي تصريحات سابقة، أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن “السلام العادل والشامل لن يتحقق دون إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية”. إلى جانب ذلك، تمثل عودة التنظيمات الراديكالية والتمدد التركي في المنطقة تحديات إضافية، خاصة في ظل تراجع المحور الإيراني بعد خسارته حلفاء رئيسيين في المنطقة.

السعودية في موقع القيادة
نجحت السعودية في ترسيخ موقعها كقوة فاعلة في إعادة تشكيل الشرق الأوسط. فكما وصفها المسؤول الأميركي جو ويلسون خلال اجتماع دولي حول سوريا، فإن الرياض أصبحت “قوة لتعزيز الاستقرار”، ما يضعها في صدارة القوى الإقليمية التي تقود مستقبل المنطقة نحو التنمية والاستقرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى