
بعد تقدم جزئي في المفاوضات، أفادت تقارير بأن الوسيط القطري قدم مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار إلى كل من إسرائيل وحماس يوم الاثنين، بهدف إنهاء الحرب في غزة.
وقال مسؤول مطلع على المحادثات لوكالة رويترز إن المفاوضات شهدت مشاركة رؤساء أجهزة المخابرات الإسرائيلية (الشاباك والموساد)، بالإضافة إلى ستيف ويتكوف، الذي من المتوقع أن يصبح المبعوث الأمريكي عندما يتولى الرئيس المنتخب ترامب منصبه، إلى جانب رئيس الوزراء القطري. كما تم الإشارة إلى احتمال مشاركة مسؤولين من إدارة بايدن.
وأوضح المسؤول أن “الساعات الأربع والعشرين المقبلة ستكون حاسمة للتوصل إلى الاتفاق”، مضيفًا أن “المفاوضات لم تصل إلى نقطة التوصل إلى اتفاق بعد، لكن هناك إمكانية لتحقيق تقدم حقيقي”.
تطورات محادثات وقف إطلاق النار:
تجرى المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس منذ أكثر من عام بهدف إنهاء الحرب في غزة، مع التركيز على إعادة عشرات الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين لدى إسرائيل.
في يوم الأحد، تحدث الرئيس بايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول المفاوضات الجارية، حيث ناقش الزعيمان صفقة محتملة بناءً على الترتيبات التي وضعها بايدن في وقت سابق من العام. وقد ضغطت إدارة بايدن من أجل التوصل إلى اتفاق قبل تنصيب ترامب في 20 يناير.
على الرغم من الوساطة المكثفة من قبل الولايات المتحدة وقطر ومصر، شهدت المحادثات توقفات متكررة بسبب عدة قضايا رئيسية تتعلق بالتفاصيل الدقيقة لتبادل الأسرى، وما إذا كان وقف إطلاق النار سيكون دائمًا، وأوضاع القوات الإسرائيلية.
نقاط خلاف رئيسية:
لا تزال حماس تحتجز حوالي 100 رهينة إسرائيلي تم أسرهم في هجوم 7 أكتوبر 2023 الذي أشعل الحرب، وأسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص من المدنيين، وعلى الرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي مقتل ثلث الرهائن، إلا أن عددهم الحقيقي قد يصل إلى النصف.
وتطالب حماس بالإفراج عن عدد كبير من السجناء الفلسطينيين، بمن فيهم كبار المسلحين المدانين في هجمات أدت إلى مقتل مدنيين.
وتشعر إسرائيل بالتحفظ من إطلاق سراح هؤلاء السجناء، خصوصًا أن أحد كبار القادة الذين شاركوا في التخطيط للهجوم، يحيى السنوار، كان قد أُطلق سراحه في صفقة مشابهة في الماضي.
وتم تبادل قوائم بأسماء الأسرى من قبل الجانبين، حيث طالبت إسرائيل بمزيد من التفاصيل حول الرهائن الأحياء لضمان خروجهم أولًا.
من جانبها، تطالب حماس بهدنة قصيرة على الأقل لتحديد وضع الرهائن المحتجزين من قبل جماعات مختلفة في أماكن متفرقة.
تتضمن الصفقة المقترحة خطة متعددة المراحل، تبدأ بإطلاق حماس سراح الرهائن الأكثر ضعفًا مع انسحاب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق، ما يتيح لبعض الفلسطينيين العودة إلى ديارهم وزيادة المساعدات الإنسانية.
في المرحلة الثانية، التي ستُتفاوض خلالها المرحلة الأولى، يتم إطلاق سراح بقية الرهائن الأحياء مقابل وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية.
تحديات الثقة والتهديدات المحتملة:
تخشى حماس من أن تستأنف إسرائيل هجومها وتكثف شدته بمجرد خروج الرهائن، وبالتالي تفقد ورقة المساومة الأكثر قيمة لديها.
من جهة أخرى، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدم إنهاء الحرب إلا بعد تدمير قدرات حماس العسكرية وتفكيك بنيتها الحكومية لضمان عدم تشكيلها تهديدًا في المستقبل.
تعد الثقة من أكبر العقبات بين الجانبين: فإسرائيل تخشى أن تطيل حماس المفاوضات حول المرحلة الثانية، مما يمد وقف إطلاق النار إلى أجل غير مسمى في وقت تظل فيه الرهائن محتجزين.
وكانت المحادثات قد كادت أن تنهار الصيف الماضي بسبب خلافات حول وجود دائم لإسرائيل في ممر فيلادلفيا، الذي يُستخدم لتهريب الأسلحة إلى غزة عبر الأنفاق.
بينما تشدد إسرائيل على ضرورة السيطرة على هذا الممر لمنع تهريب الأسلحة، فإن مصر تعارض أي وجود إسرائيلي في هذا الجزء من الحدود.
كما طالبت إسرائيل بآلية لتفتيش الأشخاص العائدين إلى شمال غزة، الذي شهد نزوح نحو مليون فلسطيني بسبب الأوامر الإسرائيلية بالإخلاء.
وكان من بين الشروط الإسرائيلية إجراء تفتيش شامل في ممر نتساريم لضمان عدم تهريب الأسلحة. وهذا المطلب يواجه معارضة فلسطينية شديدة، خاصة أن حماس ترفض أي احتلال إسرائيلي دائم.
التحديات السياسية بعد الحرب:
تسعى إدارة بايدن إلى التوصل إلى اتفاق طويل الأمد يشمل ترتيبات ما بعد الحرب في غزة، بما في ذلك تشكيل حكومة فلسطينية تتولى إدارة القطاع.
ومع ذلك، فإن هذا يتطلب موافقة الدول العربية والإسلامية، مثل المملكة العربية السعودية، التي طالما أكدت أن أي اتفاق يجب أن يتضمن مسارًا نحو إقامة دولة فلسطينية تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة.
وترفض الحكومة الإسرائيلية فكرة إقامة دولة فلسطينية وتستبعد أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة. كما تشدد على ضرورة الحفاظ على السيطرة الأمنية على القطاع، بينما ترفض حماس أي تعاون مع إسرائيل في إدارة القطاع.
في النهاية، تظل العقبات الأساسية التي تواجه المفاوضات هي الترتيبات المتعلقة بالانسحاب الإسرائيلي، المستقبل السياسي لغزة، وكذلك الخلافات حول تبادل الأسرى وشروط وقف إطلاق النار، في ظل انعدام الثقة بين الجانبين.