سوريا.. عقدة الصراع مع داعش ورهانات التحالف الدولي

رغم ادعاءات تنظيم “داعش” بالسعي إلى التوسع العالمي، فإن جذوره في سوريا تبقى حجر الزاوية في صعوده وسقوطه. فقد اختار التنظيم مدينة الرقة لتكون عاصمته، محتضناً فيها فلوله وآلاف السجناء وعائلات مقاتليه، مما جعل سوريا أرضاً رمزية له. ومع سقوط نظام الأسد لصالح قوى أخرى معادية للتنظيم، أصبح الصراع في سوريا محط أنظار القوى الإقليمية والدولية.
ويرى الباحث الأميركي مايكل روبين في حديثه مع “إندبندنت العربية” أن تذكير “داعش” المأسوي بنفسه مع بداية العام الجديد، ينبغي أن يعزز مسار التحالف مع الأكراد وليس العكس، فهو يرى أن محاربة التنظيم مرهون بمستقبل معسكر “الهول”، إذ يظل قدامى مقاتلي تنظيم “داعش” وعائلاتهم تحت الحراسة الكردية، في وضع خطر.
وأضاف، “قد تستهدف تركيا حراس السجن الأكراد، وتتهمهم بأنهم إرهابيون. كما أن هدفها هو تغيير نظام السجن، بأن تجعل هيئة تحرير الشام تتولى مهمة الحراسة”، متهماً إياها بأنها مثلما جعلت “ابتزاز أوروبا باللاجئين فناً من فنونها من خلال التهديد بالدفع بهم، سيرون سجناء تنظيم داعش على أنه فرصة وليس آفة”. وهو ما ترفضه أنقرة التي أكدت أنها ضد كل أشكال الإرهاب.
التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة وشركاءها يتمثل في القضاء على التنظيم، لكن الخيارات المتاحة معقدة. فعلى الرغم من النجاح السابق للقوات الكردية في هزيمة التنظيم وحراسة سجونه، فإن التوترات مع تركيا، التي ترفض وجود الأكراد على حدودها، تزيد المشهد تعقيداً. تشير التقارير إلى أن تركيا تسعى لإشراك “هيئة تحرير الشام” في ملف السجون، وهي خطوة تلقى انتقاداً حاداً من المراقبين الذين يرون أنها قد تضيف تعقيدات جديدة.
من جهة أخرى، يتساءل محللون عن إمكانية تنسيق جديد بين القيادة السورية وواشنطن. وبينما ترفض دمشق أي توجهات نحو الفيدرالية وتصر على وحدة الأراضي السورية تحت حكم مركزي، يطرح مراقبون فكرة التعاون المشترك لمحاربة “داعش” كهدف مشترك، رغم تعقيدات هذا الطرح.
على الصعيد الميداني، تشير الإحصاءات إلى أن التنظيم نفذ 119 عملية إرهابية خلال ديسمبر الماضي، أودت بحياة مئات الأشخاص. ويستمر التنظيم في التوسع جغرافياً، مع تركيزه على مناطق النزاع في أفريقيا وأفغانستان، مما يعكس طموحاً متزايداً لإثبات وجوده رغم خسائره الجغرافية في الشرق الأوسط.
ومع الهجوم الدامي الذي نفذه عنصر من “داعش” في ولاية لويزيانا الأميركية، تجد واشنطن نفسها أمام تحدٍ جديد لإعادة تقييم استراتيجيتها. يشير الخبراء إلى ضرورة تعزيز التعاون الاستخباراتي بين الدول لمواجهة التهديد العابر للحدود. كما يؤكدون على أهمية الحلول الشاملة التي تتضمن معالجة الفكر المتطرف عبر برامج تثقيفية ومجتمعية.
في النهاية، يبقى مستقبل “داعش” محط قلق عالمي، مع تحذيرات من أن تركيز الجهود على الجانب الأمني فقط قد يعزز من عودته في أشكال أكثر خطورة. ويشدد مراقبون على أن التعامل مع التهديد الإرهابي يجب أن يتخطى حدود سوريا ليشمل تعاوناً دولياً وإقليمياً واسعاً لضمان استقرار طويل الأمد.