
تشهد إسرائيل واحدة من أشد الأزمات السياسية والأمنية تعقيدًا في تاريخها، مع تصاعد الصراع بين الحكومة الإسرائيلية، ممثلة في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحلفائه اليمينيين، وبين جهاز الأمن العام “الشاباك”، الذي يقوده رونين بار.
محاولة انقلاب
في تطور خطير، هاجم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير رئيس “الشاباك”، متهمًا إياه بتنفيذ “محاولة انقلاب على الحكومة”، بعدما بدأ الجهاز تحقيقات مع موظفين في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقال بن غفير في مقابلة مع قناة i24NEWS: “إنه يجمع الأدلة ضد مسؤول منتخب”، في إشارة إلى ما وصفه بمساعٍ لعرقلة الحكومة.
اتهامات بن غفير تعكس حجم التوتر بين الحكومة وأجهزة الأمن الإسرائيلية، حيث لم يسبق في تاريخ إسرائيل أن وصلت المواجهة بين رئيس وزراء وجهاز “الشاباك” إلى هذا المستوى من العلنية والحدة.
خطوة فجّرت أزمة سياسية وقانونية
الخلاف بين نتنياهو ورئيس “الشاباك” ليس جديدًا، لكنه تصاعد بشكل كبير بعد إقالة بار بقرار من نتنياهو يوم الخميس قبل الماضي.
خطوة فجّرت أزمة سياسية وقانونية، حيث سارعت المحكمة العليا إلى تجميد القرار، في انتصار قانوني مؤقت لرونين بار.
نتنياهو كان قد طلب في البداية من بار الاستقالة طواعية، لكنه رفض، ما دفع رئيس الوزراء إلى الإعلان عن إقالته علنًا، وهو قرار أثار جدلاً واسعًا.
المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف – ميارا، دخلت على الخط وحذرت من أن الإقالة تشكل تضارب مصالح، خصوصًا وأن “الشاباك” كان يجري تحقيقات مع مسؤولين في مكتب نتنياهو.
نتنياهو وتفكيك الدولة
قرار إقالة بار لم يكن مجرد خلاف إداري، بل تحول إلى أزمة تهدد استقرار الحكومة، حيث أدانت المعارضة القرار، معتبرة أنه محاولة لفرض سيطرة سياسية على الأجهزة الأمنية.
قادة المعارضة ومسؤولون أمنيون سابقون، بمن فيهم رؤساء سابقون لجهاز “الشاباك”، هاجموا القرار بشدة، محذرين من أن نتنياهو “يفكك الدولة” ويعرض الديمقراطية للخطر.
وكان رونين بار قد رفض الاستقالة، وتعهد بالبقاء في منصبه حتى استعادة جميع الرهائن من غزة وتشكيل لجنة تحقيق في هجوم “حماس”، وهو ما يعارضه نتنياهو بشدة، حيث يخشى أن تؤدي لجنة التحقيق إلى تحميل حكومته مسؤولية الفشل الأمني في السابع من أكتوبر 2023.
وفي ظل تصاعد الأزمة، تتزايد الاتهامات لنتنياهو بمحاولة إحكام قبضته على المؤسسات الأمنية والقضائية من خلال تعيين شخصيات موالية له في المناصب الحساسة.
الحكومة قدمت مذكرة للمحكمة العليا تؤكد فيها أنها لا تثق برئيس “الشاباك” الحالي، وأن البحث عن خليفة له مسألة “بالغة الأهمية للأمن القومي”. ومع ذلك، منعت المحكمة تعيين بديل حتى انتهاء المداولات القانونية.
ماذا بعد؟
إسرائيل اليوم أمام مفترق طرق، حيث تتقاطع الأزمة السياسية مع التحديات الأمنية، خصوصًا في ظل استمرار الحرب في غزة والتوترات الداخلية.
في حال نجح نتنياهو في تجاوز الأزمة وإقالة بار، قد نشهد تغييرات أوسع داخل الأجهزة الأمنية والقضائية، مما يعزز سيطرته على الدولة.
أما إذا انتصر “الشاباك” والمعارضة، فقد يكون ذلك مقدمة لانهيار الحكومة، خاصة مع تصاعد الاحتجاجات ضد سياسات نتنياهو الداخلية والخارجية.
الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل المشهد السياسي الإسرائيلي، في ظل معركة كسر عظم بين نتنياهو وأجهزته الأمنية، وبين حكومة اليمين المتطرف ومؤسسات الدولة العميقة.