Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

خطاب ترامب.. ملامح التحول من الانعزالية إلى الإمبريالية

دخل دونالد ترامب السباق الرئاسي لعام 2024 متسلحًا بشعار أمريكا أولًا”، مروجًا لفكرة تقليص دور الولايات المتحدة كشرطي العالم. وانتقد سياسات إدارة سلفه، جو بايدن، محمّلًا إياها مسؤولية تفاقم أزمات عالمية، مثل حرب أوكرانيا وتصعيد غزة، إلى جانب الانسحاب غير المنظم من أفغانستان.

وفي سياق حملته، قدّم ترامب نفسه كرئيس يتجنب الحروب، متعهدًا بعدم الدخول في أي صراع جديد خلال ولايته الثانية.

ومع ذلك، شهدت الفترة بين إعلان فوزه وتنصيبه كرئيس خطابًا توسعيًا غير متوقع، شمل تهديدات بالسيطرة على قناة بنما، جزيرة جرينلاند، وربما استخدام القوة الاقتصادية لإلحاق كندا بالولايات المتحدة كولاية رقم 51، بل وإعادة تسمية خليج المكسيك” بـ “خليج أمريكا”. هذا التحول يثير التساؤل: ما الذي دفع ترامب لتبني هذا الخطاب الإمبريالي؟

المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية قدم تحليلا لهذا الخطاب استنادا إلى قراءة متعددة ركزت على هذا التحول.

ورغم خطاب ترامب الانعزالي خلال ولايته الأولى، تشير مؤشرات الولاية الثانية إلى طموحات توسعية تتجاوز الداخل الأمريكي. وتعددت التفسيرات لهذه التحولات، يمكن تلخيصها في المحاور التالية:

1 – عقيدة “القدر المحتوم”:

يربط بعض المحللين خطاب ترامب التوسعي بفكرة “القدر المحتوم ” (Manifest Destiny) ، التي تستند إلى الإيمان بأن الولايات المتحدة مقدر لها توسيع أراضيها ونفوذها.

هذا المبدأ، الذي صاغه الصحفي الأمريكي جون أوسوليفان عام 1845، يعكس تصورات قومية توسعية عميقة في الثقافة الأمريكية.

وفقًا لهذا المنظور، يرى ترامب أن توقف الولايات المتحدة عن التوسع يعني فقدان مكانتها الدولية وربما تدهورها. ويؤكد المؤرخ وليام إيرل ويكس أن خطاب ترامب يعكس استمرارية فلسفية لهذا المبدأ، مستندًا إلى شعار جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” كأداة لتعزيز النفوذ الأمريكي.

2 – استعادة الإمبريالية الأمريكية:

يمكن قراءة خطاب ترامب التوسعي كتجسيد لشيفونية (عقيدة قومية متطرفة) تهدف إلى إحياء الهيمنة الأمريكية التي بلغت ذروتها في القرن التاسع عشر. يشمل ذلك تكرار ممارسات تاريخية، مثل شراء ألاسكا وتوسيع الأراضي، واعتبار نصف الكرة الغربي مجال نفوذ أمريكي خالص وفق مبدأ مونرو (1823).

يشير هذا المبدأ إلى منع التدخل الأجنبي في المنطقة وتخفيف الفوضى المتصورة داخلها، ما يتماشى مع خطط ترامب لإعادة تعريف الأولويات الجيوسياسية للولايات المتحدة وتعزيز نفوذها المباشر.

3 – نظرية الرجل المجنون:

تُفسر بعض التحليلات تصريحات ترامب التوسعية كتكتيك تفاوضي. وفق “نظرية الرجل المجنون” التي استخدمها الرئيس ريتشارد نيكسون، يهدف القادة إلى إظهار سلوك غير متوقع لتعزيز نفوذهم الدولي.

على غرار تعامل ترامب مع كوريا الشمالية خلال ولايته الأولى، حيث بدأ بتهديدات عسكرية ثم تحوّل إلى بناء علاقة ودية مع كيم جونغ أون، قد يستخدم ترامب تصريحاته التوسعية الحالية كجزء من استراتيجية لزعزعة استقرار الأطراف المستهدفة ودفعها إلى تقديم تنازلات.

تفسير شامل:

يبدو أن خطاب ترامب التوسعي يعكس تداخل هذه التفسيرات الثلاثة، مع تباين في التطبيق حسب السياق. ورغم أن تنفيذ هذه التهديدات ليس مضمونًا، فإن مجرد تبنيها يمثل تحولًا كبيرًا عن المبادئ التي دافعت عنها الولايات المتحدة لعقود.

الأثر الأكبر لهذا الخطاب قد يكون في تقويض النظام الدولي القائم على القواعد والمؤسسات، وتبرير سلوكيات القوى المنافسة، مثل روسيا والصين، مما يعيد منطق “البقاء للأقوى” إلى الواجهة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى