Podcast Icon
سياسة

السودان في مهب الأزمة.. مجاعة ومرض وانتهاكات متزايدة

تحذر الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من كارثة إنسانية غير مسبوقة في السودان، حيث يواجه ملايين السكان الجوع والمرض في ظل انهيار الخدمات الأساسية واستمرار النزاع المسلح. ومع تصاعد معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي، تفاقمت الانتهاكات ضد المدنيين، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية المتدهورة.

عجز هائل في التمويل والإغاثة
كشفت الأمم المتحدة عن نقص حاد في التمويل اللازم للاستجابة الإنسانية، حيث تحتاج عمليات الإغاثة إلى 6 مليارات دولار، لكن ما تم جمعه حتى الآن لا يتجاوز 252.6 مليون دولار، أي 4.2% فقط من الاحتياجات المطلوبة.

ووفقاً لبيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا)، فإن أكثر من 30 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينما يواجه 24.6 مليون شخص مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 3.7 مليون طفل دون سن الخامسة ونساء حوامل ومرضعات يعانون من سوء التغذية الحاد.

مجاعة تهدد الملايين
تتفاقم أزمة الغذاء في السودان بشكل غير مسبوق، حيث أصبح 4 من كل 5 أسر تعتمد على وجبات تقدمها المطابخ الخيرية (التكايا)، والتي تقلصت قدرتها على تقديم المساعدات بنسبة 70% بسبب نقص التمويل وارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 40% منذ بداية رمضان، بعد أن كانت قد ارتفعت بأكثر من 300% منذ اندلاع القتال في أبريل 2023.

ويقول محمود عبدالله، الناشط في مجموعة شبابية تقدم خدمات الإغاثة في غرب أم درمان، إن المشهد أصبح مفزعاً مع تزايد أعداد المحتاجين يومياً. ويضيف لموقع سكاي نيوز عربية: “بات مشهد طوابير الأواني الفارغة مروعاً في ظل تقلص قدرة المطابخ الخيرية على تلبية احتياجات الجميع.”

تفشي الأوبئة ونقص الرعاية الصحية
تسبب التدهور البيئي والصحي في ارتفاع معدلات الوفيات الناجمة عن الأمراض، حيث تم تسجيل أكثر من 5,000 إصابة بالملاريا في الخرطوم بين يناير وفبراير، ما يعني تجاوز المرض للحد الوبائي. كما ارتفع عدد وفيات الكوليرا في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض إلى أكثر من 100 حالة خلال الأسبوعين الماضيين.

ويعاني النظام الصحي في السودان من انهيار شبه كامل، حيث خرجت 80% من المرافق الصحية عن الخدمة منذ اندلاع القتال. وتفاقم الوضع بسبب القيود الأمنية التي تعيق وصول الأدوية والمساعدات الطبية.

ويقول علي حسن، الناشط في مجموعة تقدم الرعاية الصحية في الخرطوم بحري: “المرضى، خاصة المصابون بالأمراض المزمنة، يواجهون صعوبة بالغة في الحصول على الأدوية. نبحث عن الأنسولين وأدوية الضغط في رحلات محفوفة بالمخاطر، لكننا غالباً ما نعود خاليي الوفاض بسبب النقص الحاد في الصيدليات.”

من جهتها، اتهمت نقابة أطباء السودان جهات أمنية بعرقلة تقديم الخدمات الصحية، مشيرة إلى تعرض الأطباء والكوادر الطبية للاعتقالات، مما يعيق الجهود المبذولة لإنقاذ الأرواح وسط الانهيار الصحي المتفاقم.

تصاعد الانتهاكات ضد المدنيين
إلى جانب الأزمة الإنسانية، يعاني المدنيون من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حيث سجلت 1890 انتهاكاً حتى الأسبوع الأول من مارس، شملت عمليات قتل جماعي، قصف عشوائي، إخفاء قسري واعتقالات تعسفية.

وتقول رحاب مبارك، عضو محامي الطوارئ والشبكة السودانية لحقوق الإنسان: “المدنيون يدفعون الثمن الأكبر في هذا النزاع، حيث يتعرضون لاعتداءات مستمرة، والقصف الجوي والمدفعي يستهدف الأحياء السكنية. في مدينة الأبيض قُتل 5 أشخاص يوم الأحد، بينما تتواصل الاعتقالات في مدني، وسط تقارير عن أوضاع سيئة داخل المعتقلات.”

كما تشهد عدة مناطق في الخرطوم بحري عمليات نهب وانتهاكات واسعة ضد السكان، ما يعمّق معاناة المدنيين الذين يجدون أنفسهم محاصرين بين الجوع والعنف.

ختام المشهد.. أزمة بلا أفق للحل
في ظل العجز الدولي عن تمويل عمليات الإغاثة، والانهيار الشامل للخدمات الصحية، وتزايد الانتهاكات ضد المدنيين، يواجه السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث. ومع استمرار القتال، تبدو الحلول بعيدة المنال، مما يضع ملايين السودانيين في مواجهة مستقبل مجهول، تتفاقم فيه المجاعة والأمراض والانتهاكات دون أي بوادر لانفراج قريب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى