
لا يمتلك الرئيس الجديد ورئيس الوزراء اللبناني سجلًا قويًا في مواجهة “حزب الله”، لكن ينبغي على واشنطن أن تتحلى بالجرأة في دعم تعهداتهما بالإصلاح، نزع السلاح، وتحقيق الانتعاش الاقتصادي.
ففي 13 يناير 2025، تم تعيين الأكاديمي والدبلوماسي نواف سلام رئيسًا للحكومة اللبنانية خلفًا لنجيب ميقاتي الذي شغل المنصب ثلاث مرات متتالية. وقبل ذلك، وفي 9 يناير، انتخب البرلمان قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيسًا للجمهورية بعد شغور دام أكثر من عام.
وقد أُشيد بتعيين الفريق الجديد باعتباره بداية محتملة للخروج من الأزمة الطويلة التي يعيشها لبنان، حيث وصف المبعوث الأمريكي عاموس هوخشتاين التعيين بأنه “خطوة جوهرية نحو تحقيق السلام والاستقرار”، بينما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن هذه الخطوة ستفتح آفاقًا جديدة للإصلاح واستعادة لبنان لسيادته وازدهاره.
على الرغم من التجديد الذي يعكسه كل من الرئيس عون ورئيس الوزراء سلام، يبقى لبنان أمام تحديات ضخمة، ويُعد التحدي الأكبر لهما هو تحويل الوعود إلى إصلاحات فعلية.
سجل عون في التعامل مع “حزب الله:
من المحتمل أن عون لم يكن ليصل إلى الرئاسة لولا سلسلة من الانتكاسات العسكرية التي لحقت بـ”حزب الله” على يد إسرائيل، وهو ما أضعف سيطرته الداخلية.
ورغم ذلك، لا يُنتظر من الرئيس الجديد إحداث تغييرات جذرية في المدى القريب، إذ أن منصب رئيس الجمهورية في لبنان يظل محدود الصلاحيات، إلا أن عون، الذي يتمتع بتوجهات مؤيدة للولايات المتحدة، قد يكون قادرًا على الاستفادة من تراجع “حزب الله” في محيطه السياسي.
وخلال ولايته كقائد للجيش اللبناني، كان تعامل عون مع “حزب الله” محل تساؤل، حيث لم يصدر أي توجيه مباشر للجيش ضد الحزب رغم التعاون المستمر بين الطرفين.
لكن عون، في خطاب تنصيبه، أشار إلى التزامه بنزع سلاح “حزب الله” واحتكار الدولة للسلاح، ما يُعد رسالة قوية في هذا الصدد.
كما تعهد بإجراء إصلاحات شاملة تتعلق بالقضاء والشفافية وتعيينات الكفاءة، وهو ما يُنتظر أن ينعكس على شكل الحكومة في المرحلة المقبلة.
سلام كدبلوماسي وقاضٍ دولي:
أما نواف سلام، الذي كان ترشيحه لرئاسة الحكومة بمثابة تحول مفاجئ، فيعتبر من الوجوه الجديدة التي يراهن عليها اللبنانيون لتقديم أجندة إصلاحية بعيدة عن الولاءات السياسية التقليدية.
سلام، الذي شغل منصب ممثل لبنان لدى الأمم المتحدة، أظهر مواقف نقدية تجاه “حزب الله” ودعمًا لعملية تحقيق العدالة في اغتيال الحريري. ورغم خلفيته في السياسة الدولية، يحمل سلام رؤية إصلاحية نزيهة ترتكز على تعزيز الكفاءة وتفعيل المؤسسات.
ومع ذلك، يظل غياب سلام عن المناصب التنفيذية الكبرى قد يشكل تحديًا، خاصة في مواجهة معارضة قد تكون قوية إذا أصر على المضي قدمًا في قضايا الإصلاح الاقتصادي ونزع السلاح.
التحديات التي يواجهها الفريق الجديد:
على الرغم من الفرص الكبيرة التي قد يوفرها الوضع الجديد، يواجه عون وسلام العديد من العقبات التي قد تعيق تنفيذ رؤيتهما الإصلاحية.
فمن جهة، قد يجد الرئيس عون صعوبة في تطبيق سياساته المتعلقة بنزع سلاح الميليشيات في ظل دعم “حزب الله” و”حركة أمل” له. ومن جهة أخرى، قد يواجه سلام تحديات كبيرة في تشكيل حكومة مستقلة ذات قدرة على تنفيذ الإصلاحات في ظل وجود قوى سياسية واقتصادية راسخة.
وعلى الرغم من الصعوبات التي قد تواجه عون وسلام، يبقى الأمل في إمكانية تنفيذ أجندة التغيير. وينبغي على واشنطن دعم القيادة الجديدة من خلال مساعدات مشروطة تهدف إلى تعزيز قدرات الجيش اللبناني وتطبيق قرارات مجلس الأمن.
كما يجب على واشنطن وفرنسا مواصلة الدعم للخطة الاقتصادية، مع ربط المساعدات بتقدم لبنان في تنفيذ الإصلاحات.
في النهاية، رغم التحديات، تبرز الحاجة إلى دعم دولي حازم وقوي لتحفيز القيادة اللبنانية الجديدة على متابعة مسار الإصلاح الذي قد يكون نقطة تحول في تاريخ لبنان.