هدنة غزة.. هل يشق بوهلر فجوة بين واشنطن وتل أبيب؟

في خطوة غير متوقعة، كشف آدم بوهلر، مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للرهائن الإسرائيليين، أن حماس أبدت استعدادها لإلقاء سلاحها تمامًا مقابل هدنة طويلة الأمد، تراوح بين 5 إلى 10 سنوات. هذا الإعلان الذي بدا “إيجابيًا” من وجهة نظر واشنطن، أثار عاصفة من الانتقادات والغضب في الأوساط الإسرائيلية، التي رأت فيه مسارًا يضعف موقفها التفاوضي ويهدد تحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.
عرض حماس: هدنة مقابل نزع السلاح والانحساب من السياسة
خلال مقابلات على التلفزيون الإسرائيلي، أوضح بوهلر أن الهدف الأساسي من محادثاته كان تحرير آخر رهينة أمريكي محتجز في غزة. لكنه فجر مفاجأة من العيار الثقيل عندما كشف أن حماس عرضت، ضمن المفاوضات، هدنة طويلة الأمد تشمل:
إطلاق سراح جميع الرهائن مقابل الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين.
إلقاء السلاح بالكامل وتفكيك البنية التحتية العسكرية، بما في ذلك شبكة الأنفاق الضخمة.
الانسحاب من الحياة السياسية، مع وجود ضمانات أمريكية ودولية لتنفيذ الاتفاق.
رغم أن هذا العرض بدا غير مسبوق، إلا أن رد الفعل الإسرائيلي كان سريعًا وحادًا، واعتُبر “تنازلًا خطيرًا” يعكس ضعفًا في موقف واشنطن.
“عرض سيئ”… غضب إسرائيلي واسع
وصفت صحيفة وول ستريت جورنال هذه المفاوضات بأنها “ضربة موجعة” للموقف الإسرائيلي. وقالت إن قرار بوهلر بالتفاوض المباشر مع حماس، دون تنسيق كافٍ مع تل أبيب، أحدث صدعًا دبلوماسيًا بين الحليفين.
بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، انتقد بوهلر بشدة، وصرح: “هذا خطأ فادح. بوهلر ظن أنه يمكنه تحرير الرهائن الأمريكيين بمفرده، لكن النتيجة كانت تقويض موقفنا بالكامل”.
من جهته، اعتبر آفي ديختر، وزير الزراعة ورئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) سابقًا، أن بوهلر “لا يفهم أهداف حماس”. وأضاف: “من يعتقد أن حماس ستتخلى عن سلاحها فهو لا يفهم عقيدتها. هذه جماعة لن تتخلى عن سلاحها إلا بالقوة”.
نتنياهو في مأزق: هل ينفرط التحالف الأمريكي – الإسرائيلي؟
رغم أن إدارة ترامب دعمت إسرائيل بشكل غير مسبوق، وسمحت لها بقطع المساعدات والكهرباء عن غزة، إلا أن المفاوضات المباشرة بين بوهلر وحماس خلقت ارتباكًا داخل الحكومة الإسرائيلية.
شالوم ليبنر، المسؤول السابق في مكتب رئيس الوزراء، حذر من تأثير هذا الانقسام على نتنياهو شخصيًا: “إسرائيل بنت استراتيجيتها على أنها وواشنطن على نفس الصفحة. أي إشارة على وجود خلاف الآن ستضعف موقف نتنياهو، سواء أمام حماس أو داخل حكومته”.
أما مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن، فاعتبر أن هذه المفاوضات “هدية لحماس”، مضيفًا: “عندما ترى حماس خلافًا بين إسرائيل وواشنطن، تستغله لتعزيز موقفها، وهو ما يحدث الآن بالفعل.”
هل تغيرت قواعد اللعبة؟
مع هذا التوتر، يبدو أن المفاوضات غير الرسمية بين بوهلر وحماس قد وضعت الجميع في موقف محرج. واشنطن ترى في العرض فرصة لتخفيف التوتر في غزة، بينما تل أبيب تخشى أن يصبح هذا الاتفاق سابقة تُضعف موقفها الاستراتيجي، وتمنح حماس فرصة لتعزيز شعبيتها كقوة سياسية وعسكرية.