Podcast Icon
سياسة

نواف سلام.. هل ينقذ لبنان من أزماته أم يغرق في وحل السياسة التقليدية؟

وسط أزمات سياسية واقتصادية خانقة، جاء تكليف القاضي نواف سلام بتشكيل حكومة جديدة في لبنان ليعيد الأمل للبعض، ويثير الشكوك لدى آخرين. هذا التكليف، المدعوم محليًا ودوليًا، يمثل اختبارًا جديدًا لنظام يعاني من انقسامات عميقة، لكنه أيضًا يضع سلام أمام تحديات معقدة قد تقرر مستقبل البلاد.

تحولات السلطة وتراجع النفوذ التقليدي
تكليف سلام يعكس تغيرًا في ديناميكيات السلطة اللبنانية. التراجع النسبي لنفوذ الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، يظهر بوضوح في هذه المرحلة، حيث أصبحت القوى الإقليمية والدولية تلعب دورًا أكبر في تشكيل المشهد السياسي اللبناني.

محمد رعد، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة، عبر عن حذر حزب الله بقوله: “سنراقب بهدوء وحكمة الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة”، مما يشير إلى إدراك الحزب لحساسية المرحلة وتنامي الضغوط الدولية.

التحديات الداخلية: إرث الطائفية والمحاصصة
نظام المحاصصة الطائفية الراسخ في لبنان يمثل العائق الأكبر أمام أي إصلاح. وفقًا لمحلل الشؤون الأميركية في “سكاي نيوز عربية” موفق حرب، فإن “التحدي الأكبر أمام نواف سلام هو التعامل مع هذا الواقع الطائفي”.

مسألة الثلث المعطل، التي تمنح أطرافًا سياسية حق تعطيل القرارات الكبرى، تظل نقطة خلاف رئيسية في أي مفاوضات لتشكيل الحكومة. هذه النقطة تُعقّد مهمة سلام وتضعه أمام خيارات محدودة.

دعم دولي مشروط
التكليف قوبل بترحيب دولي مشروط. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وصف الخطوة بأنها “أمل في التغيير”، لكنه شدد على أن الدعم يتطلب تنفيذ إصلاحات جوهرية.

موفق حرب أكد أن “المجتمع الدولي لن يثق في لبنان دون مكافحة الفساد وتحقيق الشفافية”. نواف سلام، بسمعته الإصلاحية، قد يملك المفتاح، لكن نجاحه يتوقف على مدى استجابته لهذه المطالب ضمن نظام سياسي متجذر في الفساد.

الأزمة الاقتصادية: المعركة الأصعب
لا يمكن تجاهل الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بلبنان. مع تدهور العملة وانتشار الفقر، ستحتاج الحكومة الجديدة إلى وضع خطة إنقاذ شاملة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.

الباحث السياسي إبراهيم بيرم أشار إلى أن “الفساد وسوء الإدارة أوصلا لبنان إلى هذه الحالة”، لكنه حذر من أن التغيير الحقيقي يتطلب إصلاحًا جذريًا في بنية النظام الاقتصادي والاجتماعي.

نواف سلام بين الإصلاح والتقليدية
رغم سمعته الإصلاحية، إلا أن ارتباط نواف سلام بفترات سابقة من حكم تيار المستقبل يثير تساؤلات حول قدرته على اتخاذ قرارات جريئة ومستقلة. بيرم أضاف: “التغيير يحتاج إلى قطيعة مع الطبقة السياسية القديمة، وهذا قد يكون التحدي الأكبر أمام سلام”.

فرصة أم تجربة جديدة؟
تكليف نواف سلام يضع لبنان أمام مفترق طرق جديد. النجاح يتطلب توافقًا داخليًا ودعمًا دوليًا، لكن الأهم هو إرادة سياسية للتخلي عن ممارسات المحاصصة والفساد.

السؤال يبقى: هل سيصبح سلام رمزًا للإصلاح الذي تحتاجه البلاد أم مجرد حلقة جديدة في سلسلة الإخفاقات السياسية اللبنانية؟ الوقت وحده سيكشف الإجابة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى