Podcast Icon
سياسة
أخر الأخبار

نواف سلام أمام اختبار الحكم.. بين رؤيته الإصلاحية وواقع السياسة اللبنانية

في يناير 2025، عيّن رئيس الجمهورية اللبنانية المنتخب حديثًا، جوزاف عون، نواف سلام رئيسًا للوزراء عقب استشارات نيابية، وسط تحديات سياسية واقتصادية جسيمة تواجه البلاد.

وبعد ثلاثة أسابيع، أعلن سلام تشكيل حكومته المؤلفة من 24 وزيرًا، متعهدًا بإعطاء الأولوية للإصلاحات المالية، وإعادة الإعمار، وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي تم التوصل إليه في نوفمبر الماضي لضمان الاستقرار على الحدود الجنوبية.

يُعرف نواف سلام، الدبلوماسي والقاضي المرموق، بكونه مناصرًا للإصلاح الشامل في لبنان.

فقد طرح في كتابه “لبنان بين الأمس والغد” رؤية لإعادة هيكلة الحكم وإصلاح المؤسسات، بما يتجاوز الأزمات الحالية للبلاد، تناولتها بالتحليل مؤسسة كارنيغي.

وبينما يواجه لبنان تحديات تتعلق بالسيادة والانهيار الاقتصادي والتوترات الإقليمية، ستخضع قيادة سلام لاختبار حقيقي حول مدى قدرته على تنفيذ هذه الرؤية على أرض الواقع.

يتناول كتاب سلام، الذي صدر بالفرنسية والعربية عام 2021 ثم تُرجم إلى الإنجليزية عام 2023، تاريخ لبنان الحديث وسُبل تجاوز أزماته.

ورغم أن الكتاب نُشر بعد احتجاجات 2019 لكنه سبق حرب أكتوبر 2023 بين إسرائيل وحزب الله، فإنه يسلط الضوء على الخلل السياسي والهيكلي في لبنان، ويدعو إلى إصلاح دستوري يعيد النظر في نظام تقاسم السلطة الطائفي، والذي يرى سلام أنه السبب الرئيسي للأزمات المتكررة.

يرى سلام أن الطائفية شلّت مؤسسات الدولة، وحولتها إلى أدوات للمحسوبية بدلاً من الحكم الفعّال، مؤكدًا أن الحل يكمن في بناء دولة حديثة قائمة على سيادة القانون وضمان الحريات الأساسية.

ويقتبس عن عالم الاجتماع إميل دوركهايم قوله: “كلما كانت الدولة أقوى، ازداد احترام الفرد”، معتبرًا أن هذا المفهوم ينطبق بشدة على لبنان، حيث تتغلب الولاءات الطائفية على الهوية الوطنية.

كما يتناول سلام جذور الحرب الأهلية (1975-1990) وتداعياتها، محذرًا من أن لبنان سيظل عرضة للتقلبات الإقليمية ما لم يعالج توتراته الداخلية. ويرى أن اتفاق الطائف، رغم إنهائه للحرب، لم يحقق إصلاحًا سياسيًا مستدامًا، إذ عزز المحاصصة الطائفية بدلاً من تجاوزها. لذلك، يؤكد على ضرورة تفعيل البنود غير المُطبّقة في الاتفاق، مثل اللامركزية الإدارية وتعزيز القضاء.

وفي رؤيته لمستقبل لبنان، يطرح سلام إصلاحات شاملة، بما في ذلك إصلاح النظام الانتخابي لتعزيز التمثيل الوطني بدلًا من الولاءات الطائفية، وخفض سن الاقتراع، والسماح بالتصويت في أماكن الإقامة.

وتكتسب هذه الإصلاحات أهمية خاصة مع اقتراب الانتخابات النيابية عام 2026، والتي ستكون حكومته مسؤولة عن تنظيمها.

إذا تمكن سلام من تطبيق هذه الأفكار، فقد يشهد لبنان تحولًا جوهريًا نحو دولة أقوى وأكثر استقرارًا.

ومع ذلك، فإن نجاحه يعتمد على مدى قدرته على مواجهة الواقع السياسي المعقد، حيث إن أي محاولة جادة للإصلاح ستواجه مقاومة شديدة من القوى التقليدية المستفيدة من الوضع الراهن.

لذا، ستحدد الأشهر المقبلة ما إذا كانت ولاية سلام ستشكل نقطة تحول في تاريخ لبنان، أم أنها ستنضم إلى قائمة المحاولات الإصلاحية التي لم تكتمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى