
بعد 14 عامًا من العمل في مجلس الشيوخ، أصبح ماركو روبيو وزيرًا للخارجية الأمريكي الثاني والسبعين، في خطوة تعكس مسارًا سياسيًا يجمع بين السياسة الخارجية الحازمة واهتمامه بالقضايا الداخلية.
روبيو الآن على وشك تنفيذ هذا النهج على المسرح العالمي، حيث من المتوقع أن يشكل دورًا كبيرًا في سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، مع التركيز على إيران، دول الخليج، وتحديات المنطقة.
إيران في مقدمة أولويات روبيو:
يُعد احتواء إيران أحد الأولويات الأساسية في سياسة روبيو، حيث أكد في جلسة استماعه أمام الكونغرس في 15 يناير 2025 أنه لا يمكن التسامح مع إيران التي تمتلك القدرة على إنتاج أسلحة نووية أو تستمر في رعاية الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة.
ويُتوقع أن يتبنى روبيو موقفًا صارمًا تجاه طهران، والذي قد يتعارض مع بعض دول الخليج التي تبدي في السنوات الأخيرة توجهًا أكثر تصالحيًا تجاه إيران، خاصة في ضوء التحولات الأخيرة في علاقاتها مع طهران.
تعزيز التحالفات في الخليج ودعم إسرائيل:
ومن المتوقع أن يواصل روبيو تعزيز العلاقات مع دول الخليج، مع التركيز على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ومن المرجح أن يسعى إلى البناء على اتفاقات ترامب الإقليمية (الإبراهيمية)، خاصة تلك المتعلقة بإقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل ودول خليجية، وفي مقدمتها السعودية.
ويُتوقع أن يدعم روبيو كذلك الاتفاقات العسكرية في المنطقة، بما في ذلك توسيع قاعدة العديد العسكرية في قطر، باعتبارها حجر الزاوية للوجود العسكري الأمريكي في الخليج.
ومع ذلك، يواجه روبيو تحديًا في العلاقة مع قطر بسبب استضافتها لمسؤولي حركة حماس.
بينما يزداد الضغط على الدوحة لإنهاء هذه الاستضافة، يعتبر روبيو أن قطر تظل شريكًا استراتيجيًا في المنطقة، خصوصًا في ظل قدرتها على التأثير على جماعات مثل حماس، وهو ما قد يسهم في دفع جهود السلام في غزة.
التصدي للتوسع الصيني في المنطقة:
بالنسبة للصين، يعتبر روبيو أن التوسع الصيني يشكل تهديدًا استراتيجيًا للولايات المتحدة، بما في ذلك في الشرق الأوسط، حيث تسعى بكين لتوسيع نفوذها في المنطقة، مستفيدة من الحماية البحرية الأمريكية، ولكن دون أن تقدم القيادة المسؤولة التي يتوقعها العالم من قوة عظمى.
ومن المتوقع أن تكون الصين مصدر قلق أساسي لروبيو في سياساته المستقبلية، خاصة في مواجهة محاولاتها الحصول على التكنولوجيا الأمريكية عبر شراكات مع دول في المنطقة.
دعم التحولات في سوريا ولبنان:
واحدة من القضايا التي يراها روبيو فرصة تاريخية هي التحولات التي تشهدها سوريا وتأثيراتها المباشرة على لبنان.
فمع استقرار الوضع في بعض أنحاء سوريا وتباطؤ التوترات بين إسرائيل وحماس، يرى روبيو أن هناك فرصة جديدة لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وهو ما سيتطلب سياسة أمريكية حازمة تسعى لتوظيف هذه الفرص لحماية مصالح الأمن القومي الأمريكي وتعزيز السلام في المنطقة.
أما لبنان فهي تعد أحد القضايا المحورية في سياسة روبيو تجاه الشرق الأوسط.
ففي ظل حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي هناك، وكذلك وجود تهديدات مستمرة من جماعات مثل حزب الله، سيكون من الضروري لروبيو أن يتبنى سياسة قوية تدعم السيادة اللبنانية وتحد من النفوذ الإيراني في البلاد.
وقد يواجه روبيو تحديات في العمل مع الحكومة اللبنانية التي قد تكون أكثر اعتدالًا في بعض القضايا، لكن الأولوية ستظل لحماية المصالح الأمريكية في المنطقة.
في النهاية، يتوقع أن يقود روبيو سياسة خارجية أمريكية أكثر صرامة تجاه التحديات الكبرى في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران، سوريا، لبنان، والعلاقات مع دول الخليج.
لكن التحدي الأكبر سيكون تحقيق التوازن بين الالتزامات الأمنية في المنطقة والمطالب الداخلية لحماية الاقتصاد الأمريكي.
ومع ذلك، سيبقى روبيو ملتزمًا بتطبيق سياسة تسعى إلى ضمان القوة الأمريكية في المنطقة، مع الحفاظ على تحالفاتها الاستراتيجية، خاصة مع إسرائيل ودول الخليج.