غزة بعد الحرب.. أي سيناريو سيحكم القطاع؟

بعد 16 شهرًا من الحرب في غزة، لا يزال مستقبل القطاع غامضًا وسط مناقشات حادة بين السياسيين والمحللين حول سيناريوهات الحكم المحتملة. وبينما تواصل الأطراف الدولية والإقليمية البحث عن حلول، تتبلور أربعة نماذج مختلفة لمستقبل غزة، دون أن يُحسم أي منها حتى الآن.
سيناريوهات الحكم المحتملة
بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز للكاتب باتريك كينغسلي، فإن الوضع في غزة لا يزال معلقًا بين احتمالات متعددة، خاصة مع استمرار وقف إطلاق النار الهش، بينما تستعد إسرائيل وحماس لجولة مفاوضات جديدة حول تمديده.
وفي هذا السياق، تبرز أربعة نماذج رئيسية قد تحدد مستقبل القطاع:
بقاء حماس في السلطة
رغم تعرضها لضربات عسكرية متكررة، لا تزال حماس تفرض سيطرتها على أجزاء واسعة من غزة وتسعى لترسيخ حكمها. لكن استمرار سيطرتها يواجه تحديات كبرى، أبرزها عزوف المجتمع الدولي عن تمويل إعادة الإعمار في ظل حكمها. وفي ظل هذا الوضع، قد تلجأ الحركة إلى تسليم الإدارة لجهة فلسطينية أخرى، ربما تكون لجنة تكنوقراط، دون المساس بجناحها العسكري.
احتلال إسرائيلي طويل الأمد
تحتفظ إسرائيل بمنطقة عازلة داخل القطاع، ويبدو أن انسحابها منها غير مرجح في ظل ضغوط اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يطالب بتوسيع الاحتلال بدلاً من تقليصه. ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد يفضل هذا الخيار لتجنب انهيار حكومته، لكن ذلك قد يتوقف على موقف إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي تميل حتى الآن إلى دعم تمديد الهدنة للإفراج عن جميع الرهائن.
إشراف أمني دولي
بدأت شركات أمنية أجنبية، بدعوة من إسرائيل، بإدارة عمليات التفتيش عند نقاط تفتيش محددة داخل غزة، خاصة في الشمال، حيث يشرف مقاولون أجانب -بمشاركة حراس أمن مصريين- على تفتيش السيارات بحثًا عن الأسلحة. ويعتقد مسؤولون إسرائيليون أن هذا النموذج قد يتطور إلى إشراف دولي موسع، قد يشمل دولًا عربية، لكن أي مشاركة عربية رسمية قد تتطلب موافقة السلطة الفلسطينية.
عودة السلطة الفلسطينية
بدأت السلطة الفلسطينية بالفعل العمل في بعض مناطق غزة، بالتعاون مع مسؤولين أوروبيين، تمهيدًا لاستعادة السيطرة على القطاع. ويشير هذا إلى احتمال وجود استعداد إسرائيلي غير معلن لمشاركة السلطة، خاصة إذا تعرض نتنياهو لضغوط أمريكية وعربية مكثفة لدفع هذا الاتجاه.
مستقبل غزة في ميزان المصالح الدولية
لم يُحسم أي من هذه النماذج حتى الآن، إذ يتوقف مستقبل غزة على تطورات المشهد الدولي والإقليمي. فالإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، إلى جانب الدول العربية الكبرى مثل السعودية، قد تلعب دورًا حاسمًا في ترجيح كفة أحد الخيارات، خاصة في حال ربط التطبيع السعودي-الإسرائيلي باتفاق نهائي بشأن غزة.
وفي ظل هذه التوازنات، قد يجد نتنياهو نفسه أمام خيارات لم يكن يرغب بها سابقًا، سواء بقبول دور أكبر للسلطة الفلسطينية أو بإشراف أمني دولي، فيما تبقى حماس لاعبًا رئيسيًا في المشهد، رغم محاولات تحجيم نفوذها.
فهل ستُفرض معادلة جديدة في غزة، أم أن الوضع سيظل مفتوحًا على مزيد من الفوضى والتجاذبات؟