
مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تجددت الآمال بإمكانية تحقيق استقرار إقليمي في الشرق الأوسط. إلا أن الحرب التي استمرت لعقد كامل شكلت مصدراً لاضطراب عالمي، مع تصدر تنظيم “داعش” الإرهابي المشهد منذ ظهوره عام 2014.
وبينما تلوح فرص ضعفه، تبقى العلاقة بين إيران و”داعش” عاملاً محوريًا في زعزعة استقرار سوريا.
إيران وتحركاتها في الملف السوري:
على مدار السنوات، لعبت إيران دورًا محوريًا في المشهد السوري، ليس فقط من خلال دعم نظام الأسد وميليشياته، بل أيضًا عبر اتهامات باستخدام تنظيم “داعش” لتحقيق أهدافها.
تصريحات المسؤولين الإيرانيين، مثل المرشد علي خامنئي، تشير إلى تبني رواية ترى في سقوط الأسد تهديدًا للاستقرار، وهو ما يصب في مصلحة إيران لتصوير نفسها كطرف يحارب الإرهاب.
وتروج إيران والنظام السوري لخطاب يربط بقاء الأسد بمحاربة “داعش”، في محاولة لخلق شرعية دولية.
إلا أن تقارير عديدة تكشف تناقضًا في هذه السردية، حيث تظهر أدلة على تعاون غير مباشر بين إيران و”داعش”.
ففي عام 2015، على سبيل المثال، ساعد الجيش السوري التنظيم على مهاجمة فصائل المعارضة في تدمر، بينما لم تتدخل قوات النظام خلال هجمات التنظيم على السويداء في عامي 2014 و2018.
إيران و”داعش”.. شراكات براغماتية ومصالح متبادلة:
تظهر وثائق وشهادات ميدانية تورط إيران وميليشياتها، مثل “حزب الله”، في تسهيل تحركات “داعش”.
ففي البادية السورية، عُقدت صفقات لتمرير شحنات أسلحة ونقل موارد عبر مناطق تخضع لسيطرة التنظيم.
وفي العراق، سجلت حالات مشابهة، حيث قامت فصائل “الحشد الشعبي” بتأجير طرق لـ”داعش”، ما سمح له بنقل سلع وأسلحة بحرية.
وتحولت علاقة إيران بـ”داعش” إلى أداة لتعزيز نفوذها الإقليمي. فعلى الرغم من مهاجمة التنظيم لإيران أحيانًا، إلا أن براغماتية “داعش” تجعل منه شريكًا محتملاً لتأمين مصالح طهران.
ففي سوريا، استُخدم التنظيم لتقويض “قوات سوريا الديمقراطية” وإضعاف المعارضة. أما في العراق ولبنان، فتستفيد إيران من وجود التنظيم لإظهار أهمية ميليشياتها في حماية الأمن الإقليمي.
المخاطر الإقليمية والتحديات الأمنية:
تتزايد المخاوف من استغلال إيران لتنظيم “داعش” في ظل تصاعد الصراعات في شمال شرقي سوريا.
ومع انشغال “قوات سوريا الديمقراطية” بمواجهة الجماعات المدعومة من تركيا، قد يتمكن التنظيم، بدعم إيراني، من اقتحام السجون وإعادة تنظيم صفوفه، ما يشكل تهديدًا أمنيًا واسع النطاق.
وأخيرا؛ تبرز علاقة إيران بـ”داعش” كعامل رئيس في زعزعة استقرار سوريا والمنطقة.
وبينما تسعى طهران لتعزيز نفوذها، تبقى المخاوف من استغلال التنظيم لتحقيق مصالحها السياسية قائمة.
ومع استمرار الصراعات الإقليمية، يبقى السؤال: كيف يمكن للمجتمع الدولي كبح هذه العلاقة ومنع تحولها إلى تهديد دائم؟.