
مع حالة عدم الاستقرار في سوريا التي رافقت سقوط نظام بشار الأسد، ثمة مخاوف من احتمالات عودة تنامي نشاط تنظيم “داعش”، كون الأخير قد يجد في المستقبل السوري الغامض فرصة مناسبة سانحة لإحياء مشاريع قديمة وبناء نفوذ سياسي وعسكري بين العراق وسوريا.
وقد ارتقت هذه المخاوف إلى مستوى يقيني بعد تحذير وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال جولته في الشرق الأوسط والذي قال إن “المتشددين سوف يسعون إلى إعادة تجميع صفوفهم في الفراغ الذي خلفه انهيار نظام الأسد”، وهي الفرصة التي يرى “داعش” أنها حالة فوضى قد تسمح له بإعادة تجميع قدراته.
تقارير إعلامية أفادت بأن “داعش” كان يعمل على إعادة تنظيم صفوفه بشكل مكثّف خلال الفترة الأخيرة، ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن ضباط أمريكيين وأكراد خلال الصيف أن “المجموعة تدرب مجندين جدداً وتحشد قوات في الصحراء السورية”، مع الإشارة إلى أن المقاتلين قد زادوا من وتيرة هجماتهم العام الماضي، مستهدفين نقاط التفتيش، وفجروا سيارات مفخخة، وحاولوا تحرير سجناء لهم.
وتيرة حركة “داعش” ارتفعت بعد سقوط نظام الأسد، والتنظيم استغل حالة الفراغ والفوضى، “فاستولى على كمية كبيرة من الأسلحة التي تخصّ الجيش السوري”، وفق ما يكشف رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، الذي أبدى خشيته من استخدام هذا السلاح “للتوسّع في المنطقة”، كاشفاً عن عمل مشترك بين العراق والتحالف الدولي هدفه “وقف نقل الأسلحة”.
وثمّة اعتقادات تخلص إلى أن “داعش” بدأ يوسّع هامش حركته الجغرافية، يتحدّث عنها أيمن جواد التميمي، باحث في منتدى الشرق الأوسط مقرّه فيلادلفيا، لـ”وول ستريت جورنال”، إذ يشير إلى أن “حرية الحركة الأكبر عبر سوريا ربما سمحت لخلايا داعش بالانتقال إلى أجزاء أخرى من البلاد حيث تنتظر الوقت المناسب”، مبدياً قلقه من “موجة مفاجئة من الهجمات والعنف”.
وارتفع منسوب القلق في العراق أكثر انطلاقاً من اختباره تجربة “داعش” عام 2014، وكون وضع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمواجهة التنظيم الإسلامي المتشدّد غير مستقر بضوء احتمال إتمام الانسحاب الأمريكي من العراق، وبحسب “وول ستريت جورنال”، فإن حفاظ الجيش الأميركي على وجود أكثر من 2000 جندي في سوريا ونحو 2500 في العراق “غير مؤكّد”.
ويسعى العراق للحفاظ على الوجود الأمريكي كضمانة لاستمرار عمليات مواجهة التنظيم، وبعد أيام من سقوط الأسد وبدء رصد مؤشرات على استيلاء “داعش” على امدادات سورية عسكرية، طلب مسؤولون عراقيون زاروا واشنطن إعادة تقييم اتفاقية الانسحاب التي تم التوصل إليها مؤخراً والتي دعت إلى انسحاب جميع القوات الأميركية تقريباً في غضون عامين، وفق تقرير “وول ستريت جورنال”.
مستقبل التواجد الأمريكي في العراق تحدّث عنه النائب الجمهوري مايك والتز، وهو ضابط متقاعد في القوات الخاصة ومن المتوقع أن يكون مستشار الرئيس المنتخب دونالد ترامب للأمن القومي، حينما قال إن الأخير “يركّز على إبقاء القوات الأميركية بعيداً عن الصراعات الأجنبية، لكنّه “واضح الرؤية” في شأن التهديد الذي يشكّله تنظيم داعش في سوريا”.