جهود مكثفة لاستئناف الهدنة في غزة قبل عيد الفطر: مفاوضات الدوحة ومواقف متباينة

تحركات جديدة للوسطاء لخفض التصعيد
في ظل استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة واستهداف قيادات بارزة في حركة “حماس”، تتواصل التحركات الدبلوماسية من عدة أطراف دولية، بهدف التوصل إلى هدنة قبل عيد الفطر. وتدور المباحثات حول مرحلة انتقالية لخفض التصعيد، حيث تستضيف الدوحة جولة محادثات غير مباشرة جديدة، وفقًا لمصدر مصري مطلع نقلت عنه صحيفة “الشرق الأوسط”.
مقترحات تبادل الأسرى والرهائن
المناقشات المطروحة في المحادثات تشمل تقسيم إطلاق سراح الرهائن والأسرى الفلسطينيين على مراحل، بحيث يتم الإفراج عن مجموعة من الرهائن في كل مرحلة مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، إلى جانب عودة دخول المساعدات الإنسانية، في إطار اتفاق أوسع بضمانات أميركية لوقف الحرب.
ورغم أن عدد الأسرى والرهائن لم يُحسم بعد، فإن النقاشات الجارية ستحدد الأعداد وآلية التنفيذ، بحسب المصدر ذاته.
مصر في قلب الوساطة.. وتوقعات بتقدم نسبي
في هذا السياق، توجه وفد أمني مصري إلى الدوحة، الخميس، لمواصلة المشاورات حول الإفراج عن الأسرى والرهائن، والسعي نحو خفض التصعيد، وفق ما نقلته “قناة القاهرة الإخبارية”.
وتأتي هذه التحركات بعد تصريحات رئيس فريق التفاوض في حماس، خليل الحية، التي أشار فيها إلى أن الحركة تلقت “مجموعة من المقترحات والمبادرات خلال الفترة الماضية” لوقف العدوان، وتعاملت معها بإيجابية ومسؤولية.
ضغوط دولية ومساعي لوقف إطلاق النار
يرى الخبير العسكري اللواء سمير فرج أن هذه الجهود تأتي في إطار تحركات مصرية – قطرية مشتركة لمحاولة الوصول إلى وقف إطلاق نار قبل عيد الفطر، لكنه يشير إلى أن نجاح هذه المساعي مرهون بضغط واشنطن على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، من أجل التنفيذ.
وفي السياق ذاته، يعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، الدكتور حسام الدجني، أن تحرك الوفد الأمني المصري قبل العيد يُعد مؤشرًا على تقدم في المحادثات، وقد يؤدي إلى وقف إطلاق نار مؤقت. لكنه يؤكد أن العامل الحاسم هو موقف الإدارة الأميركية ومدى قدرتها على إجبار نتنياهو على القبول بالتهدئة.
موقف إسرائيل وحماس: صراع الإرادات
يرى المحلل السياسي الدكتور سعيد عكاشة أن موقف “حماس” سيكون حاسمًا في هذه المرحلة، معتبرًا أن الحركة أخطأت بعدم قبولها المقترح السابق الذي قدمه الوسيط الأميركي ويتكوف، ما أدى إلى استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي. ويشير إلى أن حماس تواجه أيضًا احتجاجات داخل غزة ضد سياساتها، مما يزيد من تعقيد موقفها التفاوضي.
أما على الجانب الإسرائيلي، فقد صرّح وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، بأن الجهود مستمرة لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذه على مراحل ثلاث، مؤكدًا أهمية التزام جميع الأطراف ببنود الاتفاق.
مقترحات وتحديات أمام الوساطة
سبق أن قدّم الوسيط الأميركي، ويتكوف، في 13 مارس، مقترحًا محدثًا لوقف إطلاق النار حتى 20 أبريل، يتضمن إطلاق عدد من الرهائن مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين، لكن إسرائيل اعتبرت رد حماس غير كافٍ، رغم أن الحركة وافقت على إطلاق الرهينة الأميركي – الإسرائيلي، عيدان ألكسندر.
وكشفت وكالة “أسوشييتد برس” أن مصر قدمت مقترحًا يتضمن الإفراج عن 5 رهائن أحياء، بينهم أميركي – إسرائيلي، مقابل سماح إسرائيل بإدخال مساعدات إنسانية ووقف القتال لمدة أسبوع، إلى جانب إطلاق مئات الأسرى الفلسطينيين، مشيرة إلى أن حماس ردت بشكل إيجابي.
السيسي يدعو إلى حشد الجهود لإنهاء النزاع
في كلمة له، الأربعاء، شدد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار واستكمال تنفيذ مراحله، داعيًا الشركاء الدوليين إلى تكثيف الجهود لوقف نزيف الدم وإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
تصعيد إسرائيلي مستمر رغم جهود التهدئة
يأتي هذا الحراك الدبلوماسي في وقت تواصل فيه إسرائيل استهداف قيادات حماس، حيث قُتل عبد اللطيف القانوع، المتحدث باسم الحركة، في غارة جوية إسرائيلية على خيمته في جباليا شمال غزة، ليرتفع عدد القادة القتلى خلال أسبوع إلى أكثر من سبعة، بينهم إسماعيل برهوم وصلاح البردويل.
ويرى عكاشة أن هذا التصعيد قد يزيد من تعقيد فرص التهدئة، إلا إذا مورست ضغوط أميركية كبيرة على إسرائيل، وهو ما يبقى غير مضمون حاليًا.
سيناريوهات محتملة لمستقبل الهدنة
وفقًا للواء سمير فرج، فإن مصر ستواصل جهودها المكثفة، بما في ذلك إجراء مشاورات إضافية مع واشنطن، لمحاولة التوصل إلى مرحلة انتقالية تسمح بزيادة دخول المساعدات الإنسانية مقابل إطلاق رهائن وأسرى فلسطينيين، بهدف تجنب تصعيد إقليمي أوسع.
ويشير الدجني إلى أن نجاح الجهود المصرية مرهون بمدى جدية الإدارة الأميركية في الضغط على إسرائيل، معتبرًا أن أي اتفاق مستقبلي سيعتمد على مدى استعداد نتنياهو لتقديم تنازلات في ظل الضغط الداخلي والخارجي المتزايد.
هل تتحقق الهدنة قبل العيد؟
مع اقتراب عيد الفطر، تزداد الجهود لإبرام هدنة مؤقتة، لكن النجاح في ذلك سيعتمد على مدى استعداد إسرائيل وحماس لتقديم تنازلات، بالإضافة إلى حجم الضغوط الدولية، وخاصة من قبل الولايات المتحدة.
فهل ستنجح الوساطة المصرية – القطرية في تحقيق هدنة قبل العيد، أم أن التصعيد الإسرائيلي سيُعرقل جهود التهدئة ويُبقي الأوضاع في غزة على حالها؟