Podcast Icon
سياسة

تركيا بين طموحات النفوذ واستراتيجيات الأمن القومي.. أدوار متشابكة في المنطقة

في السنوات الأخيرة، برزت تركيا كفاعل رئيسي في الساحة الإقليمية والدولية، متجاوزة حدودها الجغرافية عبر سياسات وتدخلات أثارت جدلاً واسعًا بين مؤيدين يرون فيها مسعى لتعزيز الأمن والاستقرار، ومعارضين يعتبرونها طموحًا لإحياء النفوذ العثماني.

سوريا الساحة الأهم لتحركات تركيا
تعتبر سوريا المحور الأساسي للسياسة الإقليمية التركية. وفقًا لـ النور شفيق، عضو لجنة الأمن والسياسات الخارجية في الرئاسة التركية، خلال حديثة لبرنامج “ستوديو One مع فضيلة”، فإن “هدف تركيا الأساسي هو تأمين حدودها من التهديدات الإرهابية القادمة من سوريا مع الحفاظ على وحدة أراضيها”.

منذ بداية الصراع السوري، لعبت تركيا أدوارًا متعددة، بدءًا من دعم قوى المعارضة وصولاً إلى التدخل العسكري المباشر في مناطق الشمال السوري. وتبرر أنقرة تحركاتها بمواجهة التهديد الكردي، حيث تعتبر القوات الكردية امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابيًا.

شفيق أكد أن “تركيا لن تبقى في سوريا إذا استقرت الأوضاع”، مشددًا على استعداد بلاده لنقل خبراتها لدعم الشعب السوري في إعادة بناء دولتهم. ويرى أن “الشعب السوري وحده من يملك حق تقرير مستقبله السياسي”، داعيًا إلى صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات حرة.

التهديدات الأمنية وأولويات أنقرة
التهديدات الكردية وتنظيم داعش يمثلان أبرز التحديات لتركيا في سوريا. يشير شفيق إلى أن القوات الكردية التي تمتعت بحرية الحركة في فترة نظام الأسد أصبحت مصدر قلق دائم لأنقرة. كما يطالب المسؤولون الأتراك بمزيد من التعاون الدولي للقضاء على داعش، الذي يشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي.

ومع ذلك، تواجه تركيا اتهامات من معارضيها بأنها تسعى للهيمنة في سوريا، خاصة مع استمرار وجودها العسكري في مناطق مثل إدلب والشمال السوري. هؤلاء يرون في التحركات التركية محاولة لتحقيق مكاسب سياسية وجغرافية طويلة الأمد.

النفوذ الإقليمي بين الطموح والواقع
لا تتوقف أدوار تركيا عند سوريا، إذ تسعى أنقرة إلى تعزيز نفوذها في ملفات أخرى مثل ليبيا، شرق المتوسط، وأفريقيا. هذا النشاط المتزايد يعكس طموح الرئيس رجب طيب أردوغان لإعادة بلاده إلى دائرة التأثير العالمي، مستندًا إلى الإرث العثماني.

لكن شفيق نفى المزاعم المتعلقة برغبة تركيا في استعمار أو الهيمنة، مؤكدًا أن “السياسة التركية تهدف لتحقيق الأمن والاستقرار فقط”.

انتقادات دولية وتحديات استراتيجية
التحركات التركية تواجه معارضة دولية وإقليمية. الولايات المتحدة وروسيا، إلى جانب دول عربية كبرى، تنتقد التوسع التركي باعتباره زعزعة للاستقرار الإقليمي. ورغم ذلك، تصر أنقرة على أن تدخلاتها تأتي ضمن إطار حماية مصالحها القومية والتعاون الدولي.

موفق حرب، محلل الشؤون الأميركية في “سكاي نيوز عربية”، يرى أن “طموحات تركيا ترتكز على بناء نفوذ إقليمي طويل الأمد، لكنها تواجه عقبات كبيرة بسبب تعقيدات الملفات الإقليمية والتوتر مع القوى الكبرى”.

استمرارية أم مراجعة؟
بين طموحات النفوذ ومتطلبات الأمن القومي، تبدو تركيا مصممة على مواصلة لعب دور المحور الفاعل في المنطقة. ورغم الانتقادات والمخاوف من توجهاتها، تبقى أنقرة لاعبًا رئيسيًا في إعادة تشكيل المشهد الإقليمي، سواء من خلال التدخلات العسكرية أو التحركات الدبلوماسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى