Podcast Icon
سياسة

انسحاب تكتيكي أم إعادة تموضع؟ رسالة إسرائيلية لحزب الله وحماس

اعتبرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن الانسحاب الجزئي للجيش الإسرائيلي من لبنان يعكس رغبة تل أبيب في تعزيز الردع ضد حزب الله، ويوجه في الوقت ذاته تحذيراً إلى حركة حماس بشأن تداعيات أي مواجهة مستقبلية.

الانسحاب الإسرائيلي.. خطوة محسوبة أم تنازل مشروط؟
أوضحت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي بدأ في سحب معظم قواته من لبنان، الثلاثاء، بعد أربعة أشهر ونصف من العمليات البرية التي انطلقت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول). ومع ذلك، لا يزال الجيش يحتفظ بخمس مناطق استراتيجية داخل الأراضي اللبنانية، حيث تم إنشاء مواقع استيطانية جديدة، ستظل خاضعة للسيطرة الإسرائيلية في الوقت الحالي.

وأكدت الصحيفة أن الانسحاب الكامل سيعتمد بشكل أساسي على الإجراءات التي سيتخذها الجيش اللبناني، ومدى قدرته على منع حزب الله من إعادة تحويل القرى الجنوبية إلى معاقل عسكرية تحت غطاء مدني، تستخدم لتخزين الأسلحة الثقيلة وإيواء المسلحين.

ووفقاً للصحيفة، يأتي الانسحاب كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، مشيرة إلى أن المواقع العسكرية الإسرائيلية المتبقية تهدف إلى منع حزب الله من استعادة وجوده العسكري في المناطق الحدودية.

الموقف اللبناني.. رفض قاطع وتحفظات أمنية
من جانبه، أصدر مكتب الرئاسة اللبنانية بياناً رسمياً أكد فيه أن أي وجود إسرائيلي مستمر داخل الأراضي اللبنانية يُعد “احتلالاً”، مؤكداً احتفاظ لبنان بحقه في “استخدام كل الوسائل المتاحة” لضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل.

وترى الصحيفة أن الموقف الإسرائيلي يستند إلى شرطين أساسيين قبل تنفيذ انسحاب كامل:
انسحاب مقاتلي حزب الله شمال نهر الليطاني.
تفكيك البنية التحتية العسكرية للحزب في جنوب لبنان، مع نشر الجيش اللبناني لضمان الاستقرار.

وتشير جيروزاليم بوست إلى أن تل أبيب لن تفكر في الانسحاب الكامل إلى ما وراء الحدود الدولية إلا بعد التأكد من تحقيق هذين الشرطين، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار.

دروس الماضي.. هل تستفيد إسرائيل من أخطائها؟
تستعرض الصحيفة التجارب السابقة للانسحاب الإسرائيلي من لبنان، والتي جاءت بنتائج عكسية، حيث انسحبت إسرائيل مرتين من الجنوب اللبناني:
الأولى: في مايو (أيار) 2000، والتي وصفتها الصحيفة بـ “المتسرعة والفوضوية”، مما سمح لحزب الله بملء الفراغ العسكري بسرعة.
الثانية: عام 2006، عقب حرب لبنان الثانية، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701، والذي نصّ على انسحاب حزب الله شمال الليطاني ونزع سلاحه. لكن القرار لم يُنفذ، واستغل حزب الله الفرصة لإعادة ترسيخ وجوده العسكري على الحدود، حيث تضاعفت ترسانته الصاروخية من 15 ألف صاروخ قبل الحرب إلى 150 ألف صاروخ قبل المواجهة الأخيرة.
وترى الصحيفة أن إسرائيل أخطأت بعدم اتخاذ خطوات جادة لمنع حزب الله من تعزيز نفوذه، إذ فضّلت تجنب التورط مجدداً في “المستنقع اللبناني”، مما منح الحزب مساحة كبيرة للتحرك وإعادة التسلح.

رسالة إلى حماس.. الردع الإسرائيلي يمتد إلى غزة
تختتم الصحيفة تحليلها بالإشارة إلى أن النهج الإسرائيلي في لبنان يحمل أيضاً رسالة واضحة إلى حماس في غزة. فإذا التزمت تل أبيب هذه المرة بتنفيذ الاتفاقات بحذافيرها، فإن الرسالة ستكون أن إسرائيل لن تتسامح مع تكرار الأخطاء السابقة.

وبحسب الصحيفة، فإن أي انتهاك جديد للاتفاقات التي تم التوصل إليها، سواء من جانب حزب الله أو حماس، سيقابل برد عسكري فوري وحاسم. فالهدف الإسرائيلي ليس فقط تأمين الحدود الشمالية، بل أيضاً التأكيد على أن أي تهديد لأمن إسرائيل سيتم التعامل معه بقوة مميتة ودون تردد.

هل تتجه المنطقة إلى تهدئة أم تصعيد جديد؟
يبقى السؤال الرئيسي: هل يمثل هذا الانسحاب بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار، أم مجرد محطة تكتيكية في صراع طويل الأمد؟ بينما تحاول إسرائيل فرض قواعد اشتباك جديدة، يظل موقف حزب الله وحماس العامل الحاسم في تحديد مآلات هذه المواجهة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى