
في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في أوروبا الشرقية والشرق الأوسط، تواجه منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) اختبارًا صعبًا لوحدتها وتماسكها.
تقول جيروزاليم بوست، إن استخدام تركيا لحق النقض (الفيتو) ضد مشاركة إسرائيل في مناورات الناتو القادمة يكشف عن انقسامات داخلية خطيرة تهدد فعالية التحالف في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية.
تركيا والناتو: شراكة متوترة
لطالما كانت تركيا ركيزة أساسية في الحلف، إذ تؤمن جناحه الجنوبي الشرقي.
إلا أن سياسات أنقرة في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان أثارت تساؤلات حول مدى التزامها بالمبادئ الاستراتيجية للناتو.
كان شراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400 نقطة تحول رئيسية، حيث أدى إلى استبعاد تركيا من برنامج مقاتلات F-35 بسبب مخاوف استخباراتية، في خطوة كشفت عن تصدعات عميقة داخل التحالف.
إلى جانب ذلك، تعزز التعاون العسكري بين أنقرة وموسكو من تعقيد الوضع.
فامتلاك تركيا إمكانية الوصول إلى شبكة الاتصالات التكتيكية Link 16، وهي عنصر حيوي في التنسيق الاستراتيجي للناتو، يثير مخاوف بشأن احتمال تسرب معلومات حساسة إلى روسيا.
هذا الغموض في الموقف التركي يخلق تحديات عملياتية للحلف، خاصة في ظل تهديدات متزايدة من روسيا وإيران.
اعتبارات سياسية أم تهديد للأمن الجماعي؟
أدى قرار تركيا منع مشاركة إسرائيل في مناورات الناتو 2025 إلى تهميش شريك استراتيجي يساهم في الدفاع الأوروبي والعالمي.
ورغم أن إسرائيل ليست عضوًا رسميًا في الناتو، إلا أنها توفر قدرات عسكرية متقدمة، أبرزها أنظمة الدفاع الصاروخي مثل “حيتس 3“ و”القبة الحديدية”، فضلًا عن تقنيات الاتصالات والأمن السيبراني.
يعكس هذا الفيتو التركي استخدام أنقرة لمبدأ الإجماع في الناتو كأداة ضغط سياسي، وهو ما ظهر سابقًا عند عرقلتها لانضمام السويد وفنلندا للحلف.
هذا النهج يضعف آلية صنع القرار في الناتو، ويمنح روسيا وإيران فرصة لاستغلال هذه الانقسامات لصالحهما.
في النهاية، فإن تحديات الأمن العالمي تفرض على الناتو إعادة تقييم موقفه تجاه الأعضاء الذين يتبعون سياسات تتعارض مع المصالح الجماعية.
فبدون وحدة استراتيجية، سيكون الحلف أقل قدرة على مواجهة التهديدات المتزايدة، سواء من موسكو أو طهران، ما يضعف مصداقيته كرادع عالمي.