
مع استمرار الصراع الدامي في السودان، تتزايد التحذيرات من كارثة إنسانية غير مسبوقة، وسط تفاقم أزمة الغذاء والصحة وانتهاكات واسعة النطاق ضد المدنيين.
ورغم النداءات العاجلة، لا تزال الاستجابة الدولية ضعيفة، ما يهدد بتفاقم الوضع إلى مستويات كارثية.
أرقام مرعبة
حذرت الأمم المتحدة من فجوة تمويلية ضخمة تعرقل العمليات الإغاثية، حيث لم يتم تأمين سوى 4.2% من المبلغ المطلوب، وهو 6 مليارات دولار، لمواجهة الكارثة الإنسانية في السودان.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوشا)، يحتاج أكثر من 30 مليون سوداني إلى مساعدات عاجلة.
فيما يعاني 24.6 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، بينهم 3.7 مليون طفل دون سن الخامسة ونساء حوامل ومرضعات معرضون لخطر سوء التغذية الحاد.
الجوع يضرب السودان
ومع ارتفاع أسعار السلع الغذائية بنسبة 40% منذ بداية رمضان، وبعد زيادة تجاوزت 300% منذ اندلاع القتال في أبريل 2023، أصبحت أزمة الغذاء أكثر حدة.
يقول محمود عبدالله، وهو متطوع ضمن مجموعة شبابية تقدم المساعدات في غرب أم درمان، لـ”سكاي نيوز عربية” إن 4 من كل 5 أسر تعتمد على الوجبات المجانية المقدمة من المطابخ الخيرية “التكايا”، التي تراجعت قدرتها على تقديم الوجبات بأكثر من 70% بسبب نقص التمويل. ويضيف:
“بات مشهد طوابير الأواني الفارغة مفزعًا، في ظل ازدياد المحتاجين يومًا بعد يوم”.
القطاع الصحي.. انهيار شبه كامل
ومع خروج 80% من المرافق الصحية عن الخدمة بسبب الصراع، تتفاقم الأوضاع الصحية، حيث تم تسجيل أكثر من 5 آلاف حالة ملاريا بين يناير وفبراير في الخرطوم، متجاوزة الحد الوبائي، كما تجاوزت وفيات الكوليرا في مدينة كوستي بولاية النيل الأبيض 100 حالة خلال أسبوعين.
إلى جانب ذلك، يعاني مرضى الأمراض المزمنة، مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، من نقص حاد في الأدوية، مما يضطر البعض إلى المخاطرة برحلات طويلة للبحث عن الأدوية، وغالبًا ما يعودون خالي الوفاض.
انتهاكات جسيمة
وسط الفوضى، تتزايد الانتهاكات ضد المدنيين بشكل مقلق. فبحسب الشبكة السودانية لحقوق الإنسان، تم توثيق 1890 انتهاكًا حتى الأسبوع الأول من مارس، شملت:
- عمليات تصفية وقتل جماعي بالقصف الجوي والمدفعي.
- إخفاء قسري واعتقالات تعسفية.
- استهداف الأحياء السكنية بالقصف العشوائي.
- عمليات نهب واسعة في عدد من المدن، أبرزها الخرطوم بحري.
وأكدت رحاب مبارك، عضو المكتب التنفيذي لمحامي الطوارئ لـ”سكاي نيوز عربية”، أن آلاف المدنيين راحوا ضحية انتهاكات ترتكبها أطراف الحرب، في خرق واضح للقانون الدولي.
وتقول:
“القصف العشوائي يستهدف المدنيين، والاعتقالات تطال الأطباء والناشطين، في حين يعاني المعتقلون من أوضاع مزرية داخل السجون”.
مستقبل قاتم
في ظل هذه الأوضاع، يتزايد القلق من استمرار تدهور الأزمة دون تدخل فاعل.
ومع استمرار القتال، واستمرار العجز الدولي عن تأمين التمويل الكافي، يبدو أن السودان يسير نحو كارثة إنسانية أكثر عمقًا، وسط مجتمع دولي عاجز عن وقف النزيف المستمر.