
شهدت أزمة البحر الأحمر تحولًا في استراتيجية السفن الخاضعة للعقوبات، حيث قامت ناقلتا نفط مرتبطتان بروسيا، تعرضتا لهجوم من قبل الحوثيين خلال عامي 2023 و2024، بتغيير أسمائهما ورفع علم جيبوتي في ظل تشديد العقوبات الغربية.
معهد واشنطن تناول تأثير تحايل السفن الخاضعة للعقوبات الدولية في البحر الأحمر على مستقبل أمن الملاحة في الشرق الأوسط خصوصا وأنه يعد شريانا تجاريا مهما لدولة المنطقة.
ففي عام 2024، سلط برنامج “تسليط الضوء البحري” التابع لمعهد واشنطن الضوء على الهجمات الحوثية التي استهدفت ناقلات النفط الروسية بناءً على معلومات شحن قديمة.
وتكشف الأبحاث الحديثة أن هذه الهجمات أسفرت عن تركيز الاهتمام على السفن التي تحمل شحنات روسية، خاصة عبر البحر الأحمر باتجاه آسيا، لا سيما الهند والصين، وهما أكبر المشترين للنفط الروسي.
مع تصاعد العقوبات الأمريكية والبريطانية على أسطول الظل الروسي، لجأت بعض السفن إلى تغيير أسمائها وأعلامها، وهي ممارسة شائعة بين السفن الخاضعة للعقوبات لتجنب القيود وصعوبة تتبعها.
من بين هذه السفن، الناقلتان اللتان تعرضتا لهجمات الحوثيين بين 2023 و2024، حيث غيرتا اسميهما ورفعتا علم جيبوتي.
ناقلة نفط “نجمة أندروميدا سابقًا”:
تعرضت ناقلة النفط “أبار” (IMO 9402471)، التي كانت تحمل سابقًا اسم “نجمة أندروميدا”، لحادثين بارزين في عام 2024.
في مارس، اصطدمت السفينة بمضيق الدنمارك أثناء إبحارها بتأمين غير صالح، وكانت متجهة لتحميل النفط الخام الروسي من ميناء بريمورسك.
وفي أبريل، تعرضت الناقلة لهجوم من الحوثيين في جنوب البحر الأحمر خلال رحلة إلى الهند، حيث استُهدفت بثلاثة صواريخ باليستية مضادة للسفن.
بين ديسمبر 2023 وديسمبر 2024، نقلت “أبار” النفط الروسي إلى الهند والصين ثلاث مرات على الأقل، وفقًا لشركة TankerTrackers.com .
وتشير بيانات MarineTraffic إلى أن السفينة غيرت اسمها مرتين في ديسمبر 2024، من “نجمة أندروميدا” إلى “فينغ شو” ثم إلى “أبار”، كما غيرت علمها من بنما إلى جيبوتي.
ناقلة “لاهار” (ساي بابا سابقًا):
في 23 ديسمبر 2023، تعرضت ناقلة النفط “ساي بابا”، التي كانت ترفع علم الغابون، لهجوم بطائرة مسيرة حوثية أثناء توجهها إلى الهند محملة بالنفط الروسي، وتدخلت المدمرة الأمريكية “يو إس إس لابون” لإنقاذ السفينة.
وفي أكتوبر 2024، أضافت الحكومة البريطانية “ساي بابا” إلى قائمة العقوبات ضمن أوسع موجة عقوبات على أسطول الظل الروسي.
وفي ديسمبر، غيّرت السفينة علمها إلى جيبوتي، واعتبارًا من 14 يناير 2025، بات اسمها “لاهار”، وتم رصدها في المياه الصينية.
أهمية البحر الأحمر لنقل النفط الروسي:
رغم التهديدات، واصلت ناقلات النفط الروسية استخدام طريق البحر الأحمر، حيث لم تتأثر بنفس مستوى السفن التجارية الأخرى بهجمات الحوثيين.
ووفقًا لتقرير Kpler الصادر في ديسمبر 2024، لم يتراجع تصدير النفط الروسي عبر قناة السويس، إذ بلغت نسبة الشحنات الروسية عبر القناة 55%، متوافقة مع مستويات 2023.
من بين السفن المستهدفة مؤخرًا “بلو لاجون 1” (IMO 9248447)، التي تعرضت لهجوم حوثي في سبتمبر 2024 أثناء نقلها شحنة نفط من ميناء “أوست-لوغا” الروسي.
ورغم تعرضها لهجوم سابق، شوهدت السفينة في يناير 2025 تعبر مضيق باب المندب دون حوادث.
الآفاق المستقبلية:
تشير أبحاث معهد واشنطن إلى أن بعض السفن المرتبطة بروسيا والصين واصلت الإبحار في البحر الأحمر دون تعرضها لهجمات بعد حوادثها الأولى، ما قد يدل على تغيّر في أولويات الحوثيين.
وفي الوقت نفسه، استمرت الهجمات الجوية الأمريكية ضد مواقع الحوثيين، ما أدى إلى انخفاض الهجمات على السفن التجارية من 15 حادثًا في يونيو 2024 إلى 3 فقط في نوفمبر.
مع تزايد الضغوط الدولية والعقوبات، قد تلجأ مزيد من السفن الروسية والإيرانية والفنزويلية إلى تغيير أسمائها وأعلامها، مما يعكس ديناميكية متغيرة في طرق التجارة البحرية وتأثير الصراعات الإقليمية على الاقتصاد العالمي.