الانسحاب الإسرائيلي من لبنان: بين المخاوف الأمنية وتعقيدات المشهد السياسي

مع اقتراب الموعد النهائي للانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان في 18 فبراير (شباط)، تتزايد المخاوف داخل إسرائيل بشأن الانتهاكات المتكررة التي يرتكبها “حزب الله”، إلى جانب ما تصفه تل أبيب بفشل الجيش اللبناني في الانتشار بالمناطق التي كان من المفترض أن يسيطر عليها.
وقف إطلاق النار في لبنان بين التنفيذ والتعثر
أفادت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية أن معظم الاهتمام الدولي كان منصبًا في الأسابيع الماضية على مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، إضافة إلى جهود إطلاق سراح الرهائن، حيث تم الإفراج عن 16 إسرائيليًا و5 تايلانديين حتى الآن. إلا أن هناك هدنة أخرى لا تقل أهمية وهي تلك المتعلقة بجنوب لبنان، والتي كانت تهدف إلى تقليص نفوذ حزب الله وضمان استقرار المنطقة.
وبحسب الاتفاق الذي بدأ تنفيذه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، كان من المقرر أن تنسحب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان بحلول 26 يناير (كانون الثاني)، مع انسحاب مقاتلي حزب الله شمال نهر الليطاني، وانتشار الجيش اللبناني لضبط الأمن وتفكيك البنية التحتية العسكرية للتنظيم. لكن تنفيذ هذه البنود لم يتم كما هو متوقع، مما دفع إسرائيل إلى تمديد وجودها العسكري حتى 18 فبراير (شباط).
تمديد الانسحاب وغياب التوافق الدولي
وأوضحت الصحيفة أن الهدنة تتضمن بنودًا تسمح لإسرائيل بمهاجمة أي عناصر من حزب الله تتحرك جنوب الليطاني، وكذلك استهداف أي عمليات تهدف إلى إعادة تسليح التنظيم. لكن إسرائيل أعربت عن قلقها إزاء عدم انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، مما يجعلها ترى ضرورة الإبقاء على قواتها في بعض المناطق رغم الالتزام بالانسحاب الرسمي.
ونقلت الصحيفة عن قناة “كان” الإسرائيلية أن مسؤولين كبارًا في مجلس الوزراء الأمني أكدوا أن الولايات المتحدة سمحت للقوات الإسرائيلية بالبقاء في “عدة مواقع” داخل لبنان بعد 18 فبراير، دون تحديد موعد نهائي جديد للانسحاب الكامل.
ورغم ذلك، يبدو أن الولايات المتحدة ترفض أي تمديد إضافي. فقد أكدت نائبة المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، خلال زيارتها الأخيرة إلى لبنان وإسرائيل، أن إدارة الرئيس ترامب تنظر إلى 18 فبراير كتاريخ ثابت لإنهاء الانسحاب الإسرائيلي، ما يضع تل أبيب في موقف صعب بين الضغوط الأمريكية والاعتبارات الأمنية الداخلية.
هل لا يزال حزب الله يشكل تهديدًا لإسرائيل؟
وفقًا للصحيفة، فإن الضربات العسكرية التي وجهتها إسرائيل إلى “حزب الله” العام الماضي أضعفت قدراته بشكل كبير. ومع ذلك، لا يزال التنظيم يشكل تهديدًا محتملاً لإسرائيل، إضافة إلى سوريا، حيث يواجه الرئيس الجديد أحمد الشرع صدامات مباشرة مع الحزب.
إسرائيل أمام خيارين: الانسحاب أم تمديد الوضع الراهن؟
تشدد “جيروزاليم بوست” على أن الالتزام بشروط وقف إطلاق النار، بما في ذلك انسحاب “حزب الله” وانتشار الجيش اللبناني، أمر حاسم لضمان أمن المنطقة. وترى الصحيفة أنه إذا لم يتم الوفاء بهذه الالتزامات، فإن تأجيل الانسحاب الإسرائيلي سيكون ضروريًا لحماية المصالح الأمنية الإسرائيلية.
كما دعت الصحيفة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي إلى الضغط على لبنان لضمان تنفيذ الاتفاق بشكل كامل، معتبرة أن عدم الالتزام قد يؤدي إلى تصعيد جديد في المنطقة.
بين الأمن والسياسة
بينما تتجه الأنظار نحو تاريخ 18 فبراير، لا تزال الصورة ضبابية حول ما إذا كانت إسرائيل ستنسحب بالكامل، أم ستبقي على قواتها في بعض المناطق، وسط مخاوف من أن يؤدي غياب سلطة لبنانية فاعلة إلى تعزيز نفوذ حزب الله بدلاً من تقليصه.